البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

ثم ذكر ما هو أبدع وأغرب من خلق الإنسان من نطفة ، ومن إعادة الموتى ، وهو إنشاء هذه المخلوقات العظيمة الغريبة من صرف العدم إلى الوجود ، فقال : { أوَليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم } ؟ وقرأ الجمهور : بقادر ، بباء الجر داخلة على اسم الفاعل .

وقرأ الجحدري ، وابن أبي إسحاق ، والأعرج ، وسلام ، ويعقوب : يقدر ، فعلاً مضارعاً ، أي من قدر على خلق السموات والأرض من عظم شأنهما ، كان على خلق الأناس قادراً ، والضمير في مثلهم عائد على الناس ، قاله الرماني .

وقال جماعة من المفسرين : عائد على السموات والأرض ، وعاد الضمير عليهما كضمير من يعقل ، من حيث كانت متضمنة من يعقل من الملائكة والثقلين .

وقال الزمخشري : { مثلهم } يحتمل معنيين : أن يخلق مثلهم في الصغر والقماءة بالإضافة إلى السموات والأرض ، أو أن يعيدهم ، لأن المصادر مثل للمبتدأ وليس به . انتهى .

ويقول : إن المعاد هو عين المبتدأ ، ولو كان مثله لم يسم ذلك إعادة ، بل يكون إنشاء مستأنفاً .

وقرأ الجمهور : { الخلاق } نسبة المبالغة لكثرة مخلوقاته .

وقرأ الحسن ، والجحدري ، ومالك بن دينار ، وزيد بن علي : الخالق ، اسم فاعل .