قوله تعالى : { قال أبشرتموني } ، أي : بالولد { على أن مسني الكبر } ، أي : على حال الكبر ، قاله على طريق التعجب ، { فبم تبشرون } ، فبأي شيء تبشرون ؟ قرأ نافع بكسر النون وتخفيفها أي : تبشرون ، وقرأ ابن كثير بتشديد النون أي : تبشرونني ، أدغمت نون الجمع في نون الإضافة ، وقرأ الآخرون بفتح النون وتخفيفها .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ أَبَشّرْتُمُونِي عَلَىَ أَن مّسّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشّرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : قال إبراهيم للملائكة الذين بشّروه بغلام عليم : أبَشّرْتُمُونِي على أنْ مَسّنِيَ الكِبَرُ فَبِمَ تُبَشّرُونَ يقول : فبأيّ شيء تبشرون .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : قالَ أبَشّرْتُمُونِي على أنْ مَسّنِيَ الكِبَرُ فَبِمَ تُبَشّرُونَ قال : عجب من كبره وكبر امرأته .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
وقال على أنْ مَسّنِيَ الكِبَرُ ومعناه : لأن مسني الكبر وبأن مسني الكبر ، وهو نحو قوله : حَقِيقٌ على أنْ لا أقُولَ على اللّهِ إلاّ الحَق بمعنى : بأن لا أقول ، ويمثله في الكلام : أتيتك أنك تعطي ، فلم أجدك تعطي .
وقرأ الجمهور «أبشرتموني » بألف الاستفهام ، وقرأ الأعرج «بشرتموني » بغير ألف . وقوله : { على أن مسني الكبر } ، أي في حالة قد مسني فيها الكبر ، وقرأ ابن محيصن «الكُبْر » بضم الكاف وسكون الباء ، وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «تُبشرونَ » بفتح النون التي هي علامة الرفع ، والفعل على هذه القراءة غير معدى ، وقرأ الحسن البصري «تبشروني » بنون مشددة وياء ، وقرأ ابن كثير بشد النون دون ياء ، وهذه القراءة أدغمت فيها نون العلامة في النون التي هي للمتكلم موطئة للياء ، وقرأ نافع «تبشرونِ » بكسر النون ، وغلط أبو حاتم نافعاً في هذه القراءة ، وقال إن شاهد الشعر في هذا اضطرار .
قال القاضي أبو محمد : وهذا حمل منه ، وتقدير هذه القراءة أنه حذفت النون التي للمتكلم وكسرت النون التي هي علامة الرفع بحسب الياء ، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها ، ونحو هذا قول الشاعر أنشده سيبويه : [ الوافر ]
تراه كالثغام يعل مسكاً . . . يسوء الفاليات إذا فليني{[7188]}
أبالموت الذي لا بد أني . . . ملاق لا أباك تخوفيني{[7189]}
ومن حذف هذه النون قول الشاعر :
قدني من نصر الخبيبين قدي{[7190]} . . . يريد عبد الله ومصعباً ابني الزبير ، وكان عبد الله يكنى أبا خبيب ، وقرأ الحسن «فبم تَبشُرون » بفتح التاء وضم الشين ، وقول إبراهيم عليه السلام { فبم تبشرون } تقرير على جهة التعجب والاستبعاد لكبرهما ، أو على جهة الاحتقار وقلة المبالاة بالمسرة الدنيوية لمضي العمر واستيلاء الكبر . قال مجاهد : عجب من كبره ومن كبر امرأته ، وقد تقدم ذكر سنة وقت البشارة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.