معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالَ أَبَشَّرۡتُمُونِي عَلَىٰٓ أَن مَّسَّنِيَ ٱلۡكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (54)

وقوله : { أَبَشَّرْتُمُونِي على أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ 54 }

لر لم يكن فيها ( على ) لكان صواباً أيضاً . ومثله { حَقِيقٌ على أَنْ لاَ أَقُولَ } . وفي قراءة عبد الله ( حَقِيقٌ بِأَنْ لاَ أَقُولَ ) ومثله في الكلام أتيتك أنك تعطى فلم أجدك تعطى ، تريد : أتيتكَ على أَنك تعطى فلا أراك كذلك .

وقوله : { فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } النون منصوبة ؛ لأنه فعل لهم لم يذكر مفعول . وهو جائز في الكلام . وقد كَسَر أهل المدينة يريدون أن يجعلوا النون مفعولا بها . وكأنهم شدّدوا النون فقالوا { فبمَ تُبَشِّرُونِّ قَالُوا } ثم خفّفوها والنِّيَّة على تثقيلها كقول عمرو بن معدى كرب :

رأته كالثُّغَام يُعَلُّ مِسْكاً *** يسوء الفالياتِ إذا فَلَيْنِي

فأُقسم لو جعلتُ على نَذْراً *** بطعنةِ فارس لقضَيتُ دَيْنِي

وقد خففت العرب النون من أنّ الناصبة ثم أنفذوا لها نصبها ، وهي أشدّ من ذا . قال الشاعر :

فلو أَنْكِ في يوم الرخاء سألتنِى *** فراقَكِ لم أبخل وأنت صديق

فما رُدَّ تزويج عَليه شهادة *** وما رُدَّ من بعد الحَرَار عَتِيقُ

وقال آخر :

لقد علم الضَّيفُ والمُرْمِلونَ *** إذا اغبرَّ أُفْقٌ وهبَّت شَمالا

بأنْك الربيعُ وغيث مَرِيع *** وقدْما هناك تكون الثِّمالا