روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ أَبَشَّرۡتُمُونِي عَلَىٰٓ أَن مَّسَّنِيَ ٱلۡكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (54)

{ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى } بذلك { على أَن مَّسَّنِىَ الكبر } وأثر في والاستفهام للتعجب ، و { على } بمعنى مع مثلها في قوله تعالى : { وآتى المال على حبه } [ البقرة : 177 ] على أحد القولين في الضمير ، والجار والمجرور في موضع الحال فيكون قد تعجب عليه السلام من بشارتهم إياه مع هذه الحال المنافية لذلك ، ويجوز أن يكون الاستفهام للإنكار و { على } على ما سمعت بمعنى أنه لا ينبغي أن تكون البشارة مع الحال المذكورة . وزعم بعض المنتمين إلى أهل العلم أن الأولى جعل { على } بمعنى في مثلها في قوله تعالى : { وَدَخَلَ المدينة على حِينِ غَفْلَةٍ } [ القصص : 15 ] وقوله سبحانه : { واتبعوا مَا تَتْلُواْ الشياطين على مُلْكِ سليمان } [ البقرة : 102 ] لوجهين الاستغناء عن التقدير وكون المصاحبة لصدقها بأول المس لا تنافي البشارة ، وهو لعمري ضرب من الهذيان كما لا يخفى على إنسان . ثم إنه عليه السلام زاد في ذلك فقال : { فَبِمَ تُبَشّرُونَ } أي فبأي أعجوبة تبشرون أو بأي شيء تبشرون فإن البشارة بما لا يقع عادة بشارة بغير شيء . وجوز أن تكون الباء للملابسة والاستفهام سؤال عن الوجه والطريقة أي تبشرون ملتبسين بأي طريقة ولا طريق لذلك في العادة .

وقرأ الأعرج { *بشرتمون } بغير همزة الاستفهام ، وابن محيصن { لإِحْدَى الكبر } بضم الكاف وسكون الباء .

وقرأ ابن كثير بكسر النون مشددة بدون ياء على إدغام نون الجمع في نون الوقاية والاكتفاء بالكسرة عن الياء .

وقرأ نافع بكسر النون مخففة ، واعترض على ذلك أبو حاتم بأن مثله لا يكون إلا في الشعر وهو مما لا يلتفت إليه ، وخرج على حذف نون الرفع كما هو مذهب سيبويه استثقالاً لاجتماع المثلين ودلالة بإبقاء نون الوقاية على الياء . وقيل : حذفت نون الوقاية وكسرت نون الرفع وحذفت الياء اجتزاءً بالكسرة وحذفها كذلك كثير فصيح وقد قرىء به في مواضع عديدة ، ورجح الأول بقلة المؤنة واحتمال عدم حذف نون في هذه القراءة بأن يكون اكتفى بكسر نوع الرفع من أول الأمر خلاف المنقول في كتب النحو والتصريف وإن ذهب إليه بعضهم .

وقرأ الحسن كابن كثير إلا أنه أثبت الياء وباقي السبعة يقرؤون بفتح النون وهي نون الرفع .