معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

قوله تعالى : { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً } ، مضيئا يبصر فيه ، كقولهم : ليل نائم وعيشة راضية . قال قطرب : تقول العرب : أظلم الليل وأضاء النهار وأبصر ، أي : صار ذا ظلمة وضياء وبصر ، { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } ، سمع الاعتبار أنه مما لا يقدر عليه إلا عالم قادر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

و { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ْ } في النوم والراحة بسبب الظلمة ، التي تغشى وجه الأرض ، فلو استمر الضياء ، لما قروا ، ولما سكنوا .

{ و ْ } جعل الله { النَّهَارَ مُبْصِرًا ْ } أي : مضيئًا ، يبصر به الخلق ، فيتصرفون في معايشهم ، ومصالح دينهم ودنياهم .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ْ } عن الله ، سمع فهم ، وقبول ، واسترشاد ، لا سمع تعنت وعناد ، فإن في ذلك لآيات ، لقوم يسمعون ، يستدلون بها على أنه وحده المعبود وأنه الإله الحق ، وأن إلهية ما سواه باطلة ، وأنه الرءوف الرحيم العليم الحكيم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

القول في تأويل قوله تعالى : { هُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْلّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنّهَارَ مُبْصِراً إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إن ربكم أيها الناس الذي استوجب عليكم العبادة هُوَ الربّ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيْلَ وفصله من النهار ، لِتَسْكُنُوا فِيهِ مما كنتم فيه في نهاركم من التعب والنصب ، وتهدءوا فيه من التصرّف والحركة للمعاش والعناء الذي كنتم فيه بالنهار . والنّهارَ مُبْصِرا يقول : وجعل النهار مبصرا ، فأضاف الإبصار إلى النهار ، وإنما يبصر فيه ، وليس النهار مما يُبْصِر ولكن لمّا كان مفهوما في كلام العرب معناه ، خاطبهم بما في لغتهم وكلامهم ، وذلك كما قال جرير :

لَقَدْ لُمْتِنا يا أُمّ غَيْلانَ فِي السّرَى *** ونِمْتِ وَما لَيْلُ المَطِيّ بِنائِمِ

فأضاف النوم إلى الليل ووصفه به ، ومعناه نفسه أنه لم يكن نائما فيه هو ولا بعيره . يقول تعالى ذكره : فهذا الذي يفعل ذلك هو ربكم الذي خلقكم وما تعبدون ، لا ما لا ينفع ولا يضرّ ولا يفعل شيئا .

وقوله : إنّ فِي ذلكَ لاََياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ يقول تعالى ذكره : إن في اختلاف حال الليل والنهار وحال أهلهما فيهما دلالة وحججا على أن الذي له العبادة خالصا بغير شريك ، هو الذي خلق اللّيل والنهار وخالف بينهما ، بأن جعل هذا للخلق سكنا وهذا لهم معاشا ، دون من لا يخلق ولا يفعل شيئا ولا يضرّ ولا ينفع . وقال : لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ لأن المراد منه : الذين يسمعون هذه الحجج ويتفكرون فيها فيعتبرون بها ويتعظون ، ولم يرد به الذين يسمعون بآذانهم ثم يعرضون عن عبره وعظاته .