في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

26

ثم لفتة إلى بعض مجالي القدرة في المشاهد الكونية التي يغفل عنها الناس بالتكرار : ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً . إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون )

والمالك للحركة وللسكون ، الذي يجعل الليل ليسكن فيه الناس ، ويجعل النهار مبصراً يقود الناس فيتحركون ! ويبصرهم فيبصرون . . ممسك بمقاليد الحركة والسكون ، قادر على الناس ، قادر على حماية أوليائه من الناس . ورسوله - [ ص ] - في مقدمة أوليائه . ومن معه من المؤمنين . .

( إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) . .

يسمعون فيتدبرون ما يسمعون .

والمنهج القرآني يستخدم المشاهد الكونية كثيراً في معرض الحديث عن قضية الألوهية والعبودية . ذلك أن هذا الكون بوجوده وبمشاهده شاهد ناطق للفطرة لا تملك لمنطقة رداً . كذلك يخاطب الناس بما في علاقتهم بهذا الكون من تناسق . وهم يجدون هذا في حياتهم فعلاً .

فهذا الليل الذي يسكنون فيه ، وهذا النهار الذي يبصرون به ، هما ظاهرتان كونيتان شديدتا الاتصال بحياتهم . وتناسق هذه الظواهر الكونية مع حياة الناس يحسونه هم - ولو لم يتعمقوا في البحث و " العلم " .

ذلك أن فطرتهم الداخلية تفهم عن هذا الكون لغته الخفية !

وهكذا لم يكن البشر في عماية عن لغة الكون حتى جاءتهم " العلوم الحديثة ! " لقد كانوا يفهمون هذه اللغة بكينونتهم كلها . ومن ثم خاطبهم بها العليم الخبير منذ تلك القرون . وهي لغة متجددة بتجدد المعرفة ، وكلما ارتقى الناس في المعرفة كانوا أقدر على فهمها ، متى تفتحت قلوبهم بالإيمان ونظرت بنور اللّه في هذه الآفاق !

والافتراء على اللّه بالشركاء يكون بنسبة ولد للّه - سبحانه - وقد كان مشركو العرب يزعمون أن الملائكة بنات اللّه .