نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

ثم أثبت سبحانه اختصاصه بشيء جامع للعلم والقدرة تأكيداً لاختصاصه بالعزة وتفرده بالوحدانية ، وأن من أشرك به خارص لا علم له بوجه لكثرة الدلائل على وحدانيته ووضوحها فقال : { هو } أي وحده { الذي جعل } أي بسبب دوران الأفلاك الذي أتقنه { لكم } أي نعمة منه { الليل } أي مظلماً { لتسكنوا فيه } راحة لكم ودلالة على قدرته سبحانه على الإيجاد والإعدام وأُنساً للمحبين لربهم { والنهار } وأعار السبب وصف المسبب فقال : { مبصراً } أي لتنتشروا فيه ، حذف وصف الليل وذكرت علته عكس ما فعل بالنهار ليدل ما ثبت على ما{[38209]} حذف ، فالآية من الاحتباك .

ولما كانت هذه الآيات من الظهور بحيث لا يحتاج إلى أكثر من سماعها ، قال : { إن في ذلك } أي الأمر العظيم { لآيات لقوم } أي لهم قوة المحاولة على ما يريدونه { يسمعون } أي لهم سمع صحيح ، وفي ذلك أدلة واضحة{[38210]} على أنه مختص بالعزة فلا شريك له ، لأن الشريك لا بد وأن يقاسم شريكه شيئاً من الأفعال أو الأحوال أوالملك ، وأما عند انتفاء جميع ذلك فانتفاء الشركة أوضح من أن يحتاج فيه إلى دليل ، ويجوز أن يكون المعنى : لآيات لقوم يبصرون إبصار اعتبار ويسمعون سماع تأمل وادكار . ولكنه حذف " يبصرون " لدلالة { مبصراً } عليه ، ويزيد ذلك وضوحاً و{[38211]}حسناً كون السياق لنفي الشركاء ، فهو إشارة إلى أنها{[38212]} لا تسمع ولا تبصر أصلاً فكيف بالاعتبار والافتكار ؟ فالذين عبدوهم أكمل حالاً منهم .


[38209]:سقط من ظ.
[38210]:في ظ: واضحة.
[38211]:زيد من ظ.
[38212]:في ظ: أنه.