الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

قوله تعالى : " هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه " بين أن الواجب عبادة من يقدر على خلق الليل والنهار لا عبادة من لا يقدر على شيء . " لتسكنوا فيه " أي مع أزواجكم وأولادكم ليزول التعب والكلال بكم . والسكون : الهدوء عن الاضطراب .

قوله تعالى : " والنهار مبصرا " أي مضيئا لتهتدوا به في حوائجكم . والمبصر : الذي يبصر ، والنهار يبصر فيه . وقال : " مبصرا " تجوزا وتوسعا على عادة العرب في قولهم : " ليل قائم ، ونهار صائم " . وقال جرير :

لقد لُمْتِنَا يا أم غيلان في السُّرَى *** ونمتِ وما ليلُ المَطِيِّ بنائم

وقال قطرب : قال أظلم الليل أي صار ذا ظلمة ، وأضاء النهار وأبصر أي صار ذا ضياء وبصر .

قوله تعالى : " إن في ذلك لآيات " أي علامات ودلالات . " لقوم يسمعون " أي سماع اعتبار .