قوله تعالى : { هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الليل } الآية .
لمَّا ذكر أنَّ العزة لله جميعاً ، احتجَّ عليه بهذه الآية ، وانظر إلى فصاحتهم ، حيث حذف من كل جملةٍ ما ثبت في الأخرى ؛ وذلك أنَّه ذكر علَّة جعل الليل لنا ، وهي قوله : " لِتَسْكُنُوا " وحذفها من جعل النهار ، وذكر صفة النَّهار ، وهي قوله : " مُبْصِراً " وحذفها من الليل ، لدلالة المقابل عليه ، والتقدير : هو الذي جعل لكم الليل مُظْلماً لتسْكُنُوا فيه ، والنهار مُبْصِراً لتتحرَّكُوا فيه لمعاشكم ، فحذف " مُظْلماً " لدلالة " مُبْصِراً " عليه ، وحذف " لتتحرَّكُوا " لدلالة " لتسكنوا " وهذا أفصحُ كلامٍ .
وقوله : " مُبْصِراً " أسند الإبصارَ إلى الظَّرف مجازاً كقولهم : " نهارُهُ صائم ، وليله قائم ونائم " .
. . . *** ونِمْتُ وما لَيْلُ المطِيِّ بِنَائِمِ{[18531]}
وقال قطرب : يقال : أظلم اللَّيْلُ : صار ذا ظلمة ، وأضاء النَّهار : صار ذا ضياء ؛ فيكون هذا من باب النسب ؛ كقولهم : لابنُ وتامرٌ ، وقوله - تعالى - : { عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ الحاقة : 21 ] ، إلاَّ أنَّ ذلك إنما جاء في الثلاثيِّ ، وفي " فعَّال " بالتضعيف عند بعضهم في قوله - تعالى - : { وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] في أحد الأوجه .
ثم قال : { إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } أي : يتدبَّرُون ما يسمعُون ، ويعتَبِرُون .
فإن قيل : قوله : { جَعَلَ لَكُمُ الليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } يدل على أنَّه - تعالى - ما جعلهُ إلا لهذا الوجه ، وقوله { إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ } يدلُّ على أنَّه - تعالى - أراد بتخليقِ الليل والنهار أنواعاً كثيرة من الدلائل .
فالجواب : أن قوله - تعالى - : " لِتسكُنوا " لا يدلُّ على أنَّه لا حكمة فيه إلاَّ ذلك ، بل ذلك يقتضي حصول تلك الحكمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.