البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ} (67)

هذا تنبيه منه تعالى على عظيم قدرته وشمول نعمته لعباده ، فهو المستحق لأنْ يفرد بالعبادة لتسكنوا فيه مما تقاسون من الحركة والتردّد في طلب المعاش وغيره بالنهار ، وأضاف الإبصار إلى النهار مجازاً ، لأن الأبصار تقع فيه كما قال :

ونمت وما ليل المطيّ بنائم *** أي : يبصرون فيه مطالب معايشهم .

وقال قطرب : يقال أظلم الليل صار ذا ظلمة ، وأضاء النهار وأبصر أي صار ذا ضياء وبصر انتهى .

وذكر علة خلق الليل وهي قوله : لتسكنوا فيه ، وحذفها من النهار ، وذكر وصف النهار وحذفه من الليل ، وكل من المحذوف يدل على مقابله ، والتقدير : جعل الليل مظلماً لتسكنوا فيه ، والنهار مبصراً لتتحركوا فيه في مكاسبكم وما تحتاجون إليه بالحركة ، ومعنى تسمعون : سماع معتبر .