معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

قوله تعالى : { ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم } ، أي : ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل وعذاب من كذبهم ، لأنه لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ، أي : لم يكن يهلكهم بظلم ، أي : بشرك من أشرك . قوله تعالى : { وأهلها غافلون } ، لم يهلكوا حتى نبعث إليهم رسلاً ينذرونهم . وقال الكلبي : لم يهلكهم بذنوبهم من قبل أن يأتيهم الرسل . وقيل : معناه لم يكن ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرسل ، فيكون قد ظلمهم ، وذلك أن الله تعالى أجرى السنة أن لا يأخذ أحداً إلا بعد وجود الذنب ، وإنما يكون مذنباً إذا أمر فلم يأتمر ، ونهى فلم ينته ، وذلك يكون بعد إنذار الرسل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ أَن لّمْ يَكُنْ رّبّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىَ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ : أي إنما أرسلنا الرسل يا محمد إلى من وصفت أمره ، وأعلمتك خبره من مشركي الإنس والجنّ يقصون عليهم آياتي وينذرونهم لقاء معادهم إليّ ، من أجل أن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم .

وقد يتجه من التأويل في قوله : «بظلم » وجهان : أحدهما : ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ : أي بشرك من أشرك ، وكُفْر من كفر من أهلها ، كما قال لقمان : إنّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ . وأهْلُها غافِلُونَ يقول : لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم رسلاً تنبههم على حجج الله عليهم ، وتنذرهم عذاب الله يوم معادهم إليه ، ولم يكن بالذي يأخذهم غفلة فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير .

والاَخر : ذَلِكَ أنْ لَمْ رَبّكَ يَكُنْ مُهْلِكَ القُرَى بظُلْمٍ يقول : لم يكن ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرسل والاَيات والعبر ، فيظلمهم بذلك ، والله غير ظلام للعبيد .

وأولى القولين بالصواب عندي القول الأوّل ، أن يكون معناه : أن لم يكن ليهلكهم بشركهم دون إرسال الرسل إليهم والإعذار بينه وبينهم ، وذلك أن قوله : ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ عقيب قوله : ألَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فكان في ذلك الدليل الواضح على أن نص قوله : ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ إنما هو إنما فعلنا ذلك من أجل أنا لا نهلك القُرَى بغير تذكير وتنبيه . وأما قوله : ذَلِكَ فإنه يجوز أن يكون نصبا ، بمعنى : فعلنا ذلك ، ويجوز أن يكون رفعا بمعنى الابتداء ، كأنه قال : ذلك كذلك . وأما «أن » فإنها في موضع نصب بمعنى : فعلنا ذلك من أجل أن لم يكن ربك مُهْلِك القرى ، فإذا حذف ما كان يخفضها تعلق بها الفعل فنصب .