معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

وقوله : { ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ }

إن شئت جعلت ( ذلك ) في موضع نصب ، وجعلت ( أن ) مما يصلح فيه الخافض فإذا حذفته كانت نصبا .

يريد : فعل ذلك أن لم يكن مهلك القرى . وإن شئت جعلت ( ذلك ) رفعا على الاستئناف إن لم يظهر الفعل . ومثله : { ذَلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَدَاكَ } و{ ذَلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } . ومثله : { ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } ، و{ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهُ مُوهِنُ كَيْد الْكَافِرِينَ } الرفع والنصب فيه كله جائز .

وقوله : { مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غَافِلُونَ } يقول : لم يكن ليهلكهم بظلمهم وهم غافلون لَما يأتهم رسول ولا حُجَّة .

وقوله في هود : { وَما كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ } يقول : لم يكن ليهلكهم بظلمهم ، يقول : بشركهم ( وأهلها مصلحون ) يتعاطَون الحقَّ فيما بينهم .

هكذا جاء التفسير . وفيها وجه - وهو أحبّ إلىّ من ذا ؛ لأن الشرك أعظم الذنوب - والمعنى والله أعلم : لم يكن ليهلكهم بظلم منه وهم مصلحون .