تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

الآية 131 وقوله تعالى : { ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم } يحتمل قوله تعالى : { ذلك } ما تقدم من قوله تعالى : { يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس } [ الأنعام : 128 ] وقوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا } [ الأنعام : 130 ] ونحوهما{[7770]} من الآيات التي ذكر فيها العتاب .

ويحتمل { ذلك } إشارة إلى الهلاك الذي كان بالأمم الخالية أن لم يكن يهلك القرى بظلم ، ظلموا أنفسهم ، وإهلاك تعذيب واستئصال إلا بعد تقدم الوعيد لهم في ذلك وسؤال{[7771]} ، كان منهم بالعذاب ، ولا يهلك أيضا { وأهلها غافلون } عن الظلم والعصيان ، لا أنه لا يسع ، ولكن سنة فيهم ألا يهلك إلا بعد تقدم ما ذكرنا لئلا يحتجوا { فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين } [ القصص : 47 ] .

وإن لم يكن لهم الاحتجاج بذلك ، لما مكن لهم ، وركب فيهم ما به يعرفون أنه لم يخلقهم ليتركهم سدى ، ولكن خلقهم لعاقبة . لكن سنته قد خلت في الأمم الماضية ألا يهلك قوما إهلاك تعذيب واستئصال إلا بعد ما سبق منه وعيد وإنذار والعلم لهم بالظلم ، وظهور العناد منهم والمكابرة والسؤال بالعذاب سؤال تعنت . وذلك منه فضل ورحمة لأنه لا يسع ذلك .


[7770]:- في الأصل وم: ونحوها.
[7771]:- في الأصل وم: وسؤالهم.