قوله تعالى : { وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى } وهو جبيب النجار ، وقال السدي : كان قصاراً . وقال وهب : كان رجلاً يعمل الحرير ، وكان سقيماً قد أسرع فيه الجذام ، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة ، وكان مؤمناً ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين ، فيطعم نصفاً لعياله ويتصدق بنصف ، فلما بلغه أن قومه قد قصدوا قتل الرسل جاءهم . { قال يا قوم اتبعوا المرسلين* }
بين - سبحانه - بعد ذلك ما دار بين أهل القرية ، وبين رجل صالح منهم ساءه أن يرى من قومه تنكرهم لرسل الله - تعالى - وتطاولهم عليهم ، وتهديدهم لهم بالرجم : فقال - تعالى - :
{ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى المدينة رَجُلٌ . . } . معطوف على كلام محذوف يفهم من سياق القصة ، والتقدير :
وانتشر خبر الرسل بين أصحاب القرية ، وعلم الناس بتهديد بعضهم لهم { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى المدينة } أى : رجل ذو قطرة سليمة ، يسرع الخطا لينصح قومه ، وينهاهم عن إيذاء السرل ويأمرهم باتباعهم .
قالوا : وهذا الرجل كان اسمه حبيب النجار ، لأنه كان يشتغل بالنجارة .
وقد أكثر بعض المفسرين هنا من ذكر صناعته وحاله قبل مجيئه ، ونحن نرى أنه لا حاجة إلى ذلك ، لأنه لم يرد نص صحيح يعتمد عليه فيما ذكروه عنه .
ويكفيه فخرا هذا الثناء من الله - تعالى - عليه بصرف النظر عن اسمه أو صنعته أو حاله ، لأن المقصود من هذه القصة وأمثالها فى القرآن الكريم هو الاعتبار والافتداء بأهل الخير .
وعبر هنا بالمدينة بعد التعبير عنها فى أول القصة بالقرية للإِشارة إلى سعتها وإلى أن خبر هؤلاء الرسل قد انتشر فيها من أولها إلى آخرها .
والتعبير بقوله : { يسعى } : يدل على صفاء نفسه ، وسلامه قلبه ، وعلو همته ، ومضاء عزيمته ، حيث أسرع بالحضور إلى الرسل وإلى قومه ، ليعلن أمام الجميع كلمة الحق ، ولم يرتض أن يقبع فى بيته - كما يفعل الكثيرون - بل هرول نحو قومه ، ليقوم بواجبه فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
وقوله - تعالى - : { قَالَ ياقوم اتبعوا المرسلين } بيان لما بدأ ينصح قومه به بعد وصوله إليهم .
أى : { قال } لقومه على سبيل الإِرشاد والنصح { ياقوم اتبعوا المرسلين } الذين جاءوا لهدايتكم إلى الصراط المستقيم ، ولإِنقاذكم من الضلال المبين الذى انغمستم فيه .
وأخبر تعالى ذكره عن حال رجل { جاء من أقصى المدينة } سمع من المرسلين وفهم عن الله تعالى فجاء يسعى على قدميه وسمع قولهم فلما فهمه روي أنه تعقب أمرهم وسبره{[9785]} بأن قال لهم : أتطلبون على دعوتكم هذه أجراً ؟ قالوا : لا ، فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم و «الإيمان بهم » إذ هو الحق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.