فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

{ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ } وهي القرية السابق ذكرها وعبر عنها هنا بالمدينة إشارة لكبرها واتساعها { رَجُلٌ يَسْعَى } هو حبيب بن مري وكان نجارا ، وقيل : إسكافا ، وقيل قصارا ، وقال مجاهد ومقاتل : هو حبيب بن إسرائيل النجار ، وكان ينحت الأصنام ، وقال وهب : كان يعمل الحرير .

وقال قتادة كان يعبد الله في غار فلما سمع بخبر الرسل جاء يسعى ، أي يشتد عدوا .

وقال ابن عباس : اسم صاحب يس حبيب كان الجذام قد أسرع فيه قال القرطبي : وهو ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة كما آمن به تبع الأكبر وورقة بن نوفل وغيرهما ، ولم يؤمن أحد بنبي غير نبينا ، صلى الله عليه وسلم إلا بعد ظهوره أما نبينا فآمن به قبل ظهوره كثير ، انتهى . وفيه من البعد والضعف ما لا يخفى ويدفعه قوله سبحانه :

{ قَالَ : يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } أي رسل عيسى عليه السلام ، ولم يذكر نبيا صلى الله عليه وسلم ولا دلت الآية عليه والجملة مستأنفة كأنه قيل فماذا قال لهم عند مجيئه ؟ فقيل : قال إلخ ، أي اتبعوا هؤلاء الذين أرسلوا إليكم فإنهم جاؤوا بحق ، ثم أكد ذلك وكرره فقال : { اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ }