غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

1

{ وجاء من أقصى المدينة رجل } هو حبيب النجار الذي مر ذكره نصح قومه فقتلوه وقبره في سوق إنطاكية . وقيل : في غار يعبد الله عز وجل ، فلما بلغه خبر الرسل أتاهم وأظهر دينه وقاول الكفرة فوثبوا عليه فقتلوه . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وصاحب ياسين ومؤمن آل فرعون " ومن هنا قالوا : إنه آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل ولادته وذلك أنه سمع نعته من الكتب والعلماء . وتنكير رجل للتعظيم أي رجل كامل في الرجولية أو ليفيد ظهور الحق من جانب المرسلين حيث آمن بهم رجل من الرجال لا معرفة لهم به وكان بعيداً من التواطؤ . وقوله { من أقصى المدينة } أيضا يفيد مثل هذا أو أنهم ما قصروا في التبليغ والإنذار حتى بلغ خبرهم القاصي والداني والسعي بمعنى المشي أو بمعنى القيام في المهام أي يهتم بشأن المؤمنين ويسعى في نصرتهم وهدايتهم ونصحهم . ثم حثهم على اتباع الرسل ولم يقل اتبعوني كما قال مؤمن آل فرعون { اتبعون أهدكم سبيل الرشاد } [ غافر : 38 ] لأنه جاءهم فنصحهم في أوّل مجيئه وما رأوا سيرته بعد فقال : اتبعوا هؤلاء الذين أظهروا لكم الدليل وأوضحوا لأجلكم السبيل . فقوله { اتبعوا } نصيحة وقوله { المرسلين } إظهار للإِيمان وقدم النصيحة إظهاراً للشفقة . وقد روي أنه كان يقتل ويقول : اللهم اهد قومي .

/خ44