الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

قوله تعالى ذكره {[56491]} : { وجاء من أقصا المدينة رجل ( يسعى ) {[56492]} }19 إلى قوله : { إليهم لا يرجعون }30

قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه : أن رجلا من أهل أنطاكية اسمه حبيب النجار ، ( كان ) {[56493]} يعمل الجرير {[56494]} ، وكان سقيما ( قد أسرع فيه ) {[56495]} الجذام/ وكان منزله عند باب من أبواب المدينة ( قاصيا ) {[56496]} ، وكان مؤمنا ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين ، فيطعم نصفه عياله ويتصدق بنصفه فلم يهمه {[56497]} ، سقمه ولا عمله ولا ضعفه عن عمل ربه {[56498]} فلما اجتمع قومه يعني أهل أنطاكية على قتل الرسل بلغ ذلك حبيبا وهو على باب المدينة الأقصى فجاء يسعى إليهم ويذكرهم الله {[56499]} ويدعوهم إلى اتباع المرسلين ، فقال لهم ما قص الله علينا {[56500]} .

قال قتادة : ذكر لنا أن اسمه حبيب وكان يعبد ربه في غار {[56501]} .

ويروى أنه كان نجارا {[56502]} وقيل : ( إنه ) {[56503]} كان حطابا ، لما بلغه أمر الرسل أتى مسرعا بحزمته فآمن ، وقال للناس : { يا قوم اتبعوا المرسلين } .

ثم أقبل على المرسلين فقال : أتريدون مالا نعطيكم فقالوا : لا ، فأقبل على الناس يقول : { اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون } فقيل له : أفأنت تتبعهم فقال : { ومالي لا أعبد الذي فطرني } إلى قوله : { ضلال مبين }

ثم أقبل على المرسلين فقال لهم : { إني آمنت بربكم } {[56504]} فتألب عليه الناس فقتلوه .

قال ابن عباس : هو حبيب النجار {[56505]} .

ويروى أنه سمع بخبر الرسل {[56506]} جاء يسعى فقال لهم : أتطلبون ( على ) {[56507]} ما جئتم به أجرا قالوا : لا ، فأقبل على قومه فقال : { يا قوم اتبعوا المرسلين }21 إلى قوله {[56508]} : { إني آمنت بربكم فاسمعون } 23 {[56509]} يقول هذا للرسل {[56510]} .

قال قتادة : فرجمه قومه ، فقال : اللهم اهد {[56511]} قومي ، أحسبه قال : فإنهم لا يعلمون ، فقتلوه رجما ، فأدخله الله الجنة ، فلم {[56512]} ينظر الله قومه حتى أهلكهم {[56513]} .

روي أن جبريل صلى الله عليه وسلم {[56514]} وضع جناحا في أقطارها فقلبها عليهم فبقوا خامدين ساكتين .

وعن كعب الأحبار أنه قال : الرسولان والذي جاء يسعى خد لهم أخدود {[56515]} وحرقوا بالنار فيه .

وأكثر الناس على أن الرسل كانوا من حواريي عيسى عليه السلام {[56516]} ، تنبأهم الله {[56517]}بعد/ عيسى {[56518]} ، وأرسل منهم اثنين إلى أنطاكية فكذبوهما وضربوهما وحبسوهما ، فقواهم {[56519]} الله {[56520]} برسول ثالث .

وقد قيل : إن الثالث شمعون ، ( وهو ) {[56521]} من أصحاب عيسى {[56522]} وأنه أرسل قبل الاثنين إلى أنطاكية فكذبوه {[56523]} ، وإلى ذلك ذهب الفراء {[56524]} .

قال كعب ووهب : وثبوا الذي جاء يسعى وثبة رجل واحد فقتلوه {[56525]} .

وقوله : { وهم مهتدون } أي : على استقامة من الحق ، فاهتدوا بهداهم .

ولا يحسن الوقف على " المرسلين " لأن من بدل " من " المرسلين بإعادة الفعل {[56526]} .


[56491]:ساقط من ب
[56492]:نفسه
[56493]:مثبت في طرة أ
[56494]:جاء في اللسان مادة (جرر) 4/127" الجرير حبل الزمام... وقيل: الجرير من أدم يخطم به البعير ... وقيل: الجرير حبل مفتول من أدم يكون في أعناق الإبل وجمعه أجرة وجران"
[56495]:متآكل في ب
[56496]:نفسه
[56497]:ب: "يشغله"
[56498]:ب: "ربه عز وجل"
[56499]:نفسه
[56500]:انظر: جامع البيان 22/159
[56501]:انظر: المصدر السابق وقصص الأنبياء للثعلبي 406 وتفسير البغوي 6/6 والجامع للقرطبي 15/18 والدر المنثور 7/51
[56502]:انظر: الجامع للقرطبي 15/17
[56503]:ساقط من ب
[56504]:ب: {إني آمنت بربكم فاسمعون}
[56505]:انظر: المحرر الوجيز 13/195 والبحر المحيط 7/328 وتفسير ابن كثير 3/569 والدر المنثور 7/51
[56506]:ب: "الرسول"
[56507]:ساقط من ب
[56508]:ب: "قومه" وهو تحريف
[56509]:يس: الآيات من 19 إلى 24
[56510]:انظر: الجامع للقرطبي 15/18
[56511]:ب: "اهدني" وهو تحريف
[56512]:ب: "ولم"
[56513]:انظر: الدر المنثور 7/51
[56514]:ب: "عليه السلام"
[56515]:جاء في اللسان مادة "خدد" 3/160 "الخد والخدة والأخدود: الحفرة تحفرها في الأرض مستطيلة ... يقال خد خدا والجمع أخاديد"
[56516]:ب: "صلى الله عليه وسلم"
[56517]:ب: "عز وجل"
[56518]:ب: "عيسى صلى الله عليه وسلم"
[56519]:هكذا في أ وب ولعل الصواب: فقواهما
[56520]:ب: "الله عز وجل"
[56521]:ساقط من ب
[56522]:ب: "عيسى صلى الله عليه وسلم"
[56523]:أ: "فكذبوهما"
[56524]:انظر: معاني الفراء 2/373
[56525]:انظر: الجامع للقرطبي 15/19، وتفسير ابن كثير 3/568
[56526]:انظر: هذا التوجيه في القطع والإئتناف 597