معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

{ يومئذ تعرضون } على الله ، { لا تخفى } قرأ حمزة والكسائي : لا يخفى بالياء ، وقرأ الآخرون بالتاء ، { منكم خافية } أي فعلة خافية . قال الكلبي : لا يخفى على الله منكم شيء . قال أبو موسى : يعرض الناس ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة فعندها تطاير الصحف فآخذ بيمينه وآخذ بشماله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

ولهذا قال : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } على الله { لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } لا من أجسامكم وأجسادكم{[1212]}  ولا من أعمالكم [ وصفاتكم ] ، فإن الله تعالى عالم الغيب والشهادة .

ويحشر العباد حفاة عراة غرلا ، في أرض مستوية ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، فحينئذ يجازيهم بما عملوا ، ولهذا ذكر كيفية الجزاء ، فقال : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ


[1212]:- في ب: لا من أجسادكم وذواتكم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

ثم بين - سبحانه - ما يجرى على الناس فى هذا اليوم فقال : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } .

والعرض أصله : إظهار الشئ لمن يريد التأمل فيه ، أو الحصول عليه ، ومنه عرض البائع سلعته على المشترى .

وهو هنا كناية عن لازمه وهو المحاسبة .

أى : فى هذا اليوم تعرضون للحساب والجزاء ، لا تخفى منكم خافية ، أى تعرضون للحساب ، دون أن يخفى منكم أحد على الله - تعالى - أو دون أن تخفى منكم نفس واحدة على خالقها - عز وجل - .

قال الجمل : وقوله : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } أى : تسألون وتحاسبون ، وعبر عنه بذلك تشبيها له بعرض السلطان العسكر والجند ، لينظر فى أمرهم فيختار منهم المصلح للتقريب والإِكرام ، والمفسد للإِبعاد والتعذيب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

وقوله :{[29282]} أي تعرضون على عالم السر والنجوى الذي لا يخفى عليه شيء من أموركم ، بل هو عالم بالظواهر والسرائر والضمائر ؛ ولهذا قال : { لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }

وقد قال ابن أبي الدنيا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن بُرْقان ، عن ثابت بن الحجاج قال : قال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن تُوزَنوا ، فإنه أخف عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وَتَزَيَّنُوا للعرض الأكبر : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } {[29283]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا علي بن علي بن رفاعة ، عن الحسن ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدالٌ ومعاذيرُ ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " .

ورواه ابن ماجة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وَكِيع ، به{[29284]} وقد رواه الترمذي عن أبي كُرَيْب عن وكيع عن علي بن علي ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، به{[29285]} .

وقد روى ابنُ جرير عن مجاهد بن موسى ، عن يزيد ، بن سليم بن حيان ، عن مروان الأصغر ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات : عرضتان ، معاذير وخصومات ، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي . ورواه سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة مرسلا مثله{[29286]} .


[29282]:- (7) يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية
[29283]:- (1) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا برقم 2 وذكره المؤلف في مسند عمر (2/618) وقال: "أثر مشهور وفيه انقطاع، وثابت بن الحجاج هذا جزري تابعي صغير لم يدرك، ولم يرو عنه سوى جعفر بن برقان، وله عند أبي داود في السنن حديثان".
[29284]:- (2) المسند (14/414) وسنن ابن ماجة برقم (4277) وقال البوصيري في الزوائد (3/315): "هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، الحسن لم يسمح من أبي موسي. قاله علي بن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة".
[29285]:- (3) سنن الترمذي برقم (2425).
[29286]:- (4) تفسير الطبري (29/38).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

وعلى هذا قال يوم تعرضون تشبيها للمحاسبة بعرض السلطان لتعرف أحوالهم وهذا وإن كان بعد النفخة الثانية لكن لما كان اليوم اسما لزمان متسع تقع فيه النفختان والصعقة والنشور والحساب وإدخال أهل الجنة الجنة وأهل النار النار صح ظرفا للكل لا تخفى منكم خافية سريرة على الله تعالى حتى يكون العرض للاطلاع عليها وإنما المراد منه إفشاء الحال والمبالغة في العدل أو على الناس كما قال الله تعالى يوم تبلى السرائر وقرأ حمزة والكسائي بالياء للفصل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

وجملة { يومئذٍ تعرضون } مستأنفة ، أو هي بيان لجملة { فيومئذٍ وقعت الواقعة ، } أو بدل اشتمال منها .

و { منكم } صفة ل { خافية } قدمت عليه فتكون حالاً .

وتكرير { يومئذٍ } أربعَ مرات لتهويل ذلك اليوم الذي مبدؤه النفخ في الصور ثم يعقبه ما بعده مما ذكر في الجُمل بعده ، فقد جرى ذكر ذلك اليوم خمس مرات لأن { فيومئذٍ وقَعَتْ الواقعة } تكرير ل ( إذا ) من قوله : { فإذا نفخ في الصور } إذ تقدير المضاف إليه في { يومئذٍ } هو مدلول جملة { فإذا نفخ في الصور ، } فقد ذكر زمان النفخ أولاً وتكرر ذكره بعد ذلك أربع مرات .

وقرأ الجمهور { لا تخفى } بمثناة فوقية . وقرأه حمزة والكسائي وخلف بالتحتية لأن تأنيث { خافية } غير حقيقي ، مع وقوع الفصل بين الفعل وفاعله .