{ كأنه } رد الكناية إلى اللفظ ، { جمالة } قرأ حمزة والكسائي وحفص : { جمالة } على جميع الجمل ، مثل حجر وحجارة ، وقرأ يعقوب بضم الجيم بلا ألف ، أراد : الأشياء العظام المجموعة ، وقرأ الآخرون : " جمالات " بالألف وكسر الجيم على جمع الجمال ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير : هي حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض ، حتى تكون كأوساط الرجال ، { صفر } جمع الأصفر ، يعني لون النار ، وقيل : الصفر معناه : السود ، لأنه جاء في الحديث أن شرر نار جهنم أسود كالقير ، والعرب تسمي سود الإبل صفراً لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة كما يقال لبيض الظباء : أدم ، لأن بياضها يعلوه كدرة .
{ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة ، وهذا يدل على أن النار مظلمة ، لهبها وجمرها وشررها ، وأنها سوداء ، كريهة المرأى{[1327]} ، شديدة الحرارة ، نسأل الله العافية منها [ من الأعمال المقربة منها ] .
وقوله : { جمالت } جمع جمَلَ - كحجارة وحجر .
وقال الآلوسى : " جمالة " بكسر الجيم - كما قرأ به حمزة والكسائى وحفص وهو جمع جمل .
والتاء لتأنيث الجمع . يقال : جمل وجمال وجِمالة . . والتنوين للتكثير .
وقرأ الجمهور { جِمالاتٌ } - بكسرالجيم مع الألف والتاء - جمع جِمَال . . فيكون جمع الجمع . .
والمعنى : إنها - أى : جهنم - ترمى المكذبين بالحق ، الذين هم وقودها ، ترميهم بشرر متطاير منها لشدة اشتعالها ، كل واحدة من هذا الشرر كأنها البناء المرتفع فى عظمها وارتفاعها .
وقوله - تعالى - : { كَأَنَّهُ جمالت صُفْرٌ } وصف آخر للشرر ، أى : كأن هذا الشرر فى هيئته ولونه وسرعة حركته . . جمال لونها أصفر .
واختبر اللون الأصفر للجمال ، لأن شرر النار عندما يشتد اشتعالها يكون مائلا إلى الصفرة .
وقيل المراد بالصفر هنا : السواد ، لأن سواد الإِبل يضرب إلى الصفرة .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد شبه الشرر الذى ينفصل عن النار فى عظمته وضخامته بالقصر ، وهو البناء العالى المرتفع ، وشبهه - أيضا - حين يأخذ فى الارتفاع والتفرق . . بالجمال الصفر ، فى هيئتها ولونها وسرعة حركتها ، وتزاحمها .
والمقصود بهذا التشبيه : زيادة الترويع والتهويل ، فإن هؤالءا لكافرين لما كذبوا بالحساب والجزاء ، وصف الله - تعالى - لهم نار الآخرة بتلك الصفات المرعبة ، لعلهم يقلعون عن شركهم ، لا سيما وأنهم يرون النار فى دنياهم ، ويرون شررها حين يتطاير . . وإن كان الفرق شاسعا بين نار الدنيا ونار الآخرة .
{ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } أي : كالإبل السود . قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك . واختاره ابن جرير .
وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير : { جِمَالَةٌ صُفْرٌ } يعني : حبال السفن . وعنه -أعني ابن عباس - : { جِمَالَةٌ صُفْرٌ } قطع نحاس{[29632]} .
وقال البخاري : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، أخبرنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قال : كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك ، فنرفعه للشتاء ، فنسميه القَصَرَ ، { كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } حبال السفن ، تجمع حتى تكون كأوساط الرجال{[29633]} ،
كأنه جمالات جمع جمال أو جمالة جمع جمل صفر فإن الشرار بما فيه من النارية يكون أصفر وقيل سود لأن سواد الإبل يضرب إلى الصفرة والأول تشبيه في العظم وهذا في اللون والكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة وقرأ حمزة والكسائي وحفص جمالة وعن يعقوب جمالات بالضم جمع جمالة وقد قرىء بها وهي الحبل الغليظ من حبال السفينة شبهه بها في امتداده والتفافه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
كأنها جمال سوداء إذا رأيتها من مكان بعيد.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
جِمالاتٌ صُفْرٌ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛
فقال بعضهم: معنى ذلك: كأن الشرر الذي ترمي به جهنم كالقصر جِمالات سود: أي أينق سود. وقالوا: الصفر في هذا الموضع، بمعنى السود. قالوا: وإنما قيل لها صفر وهِي سود لأن ألوان الإبل سود تضرب إلى الصفرة، ولذلك قيل لها صُفْر.
وقال آخرون: بل عُني بذلك: قُلُوس السفن، شبّه بها الشرر، قُلُوس سفن البحر يحمل بعضها على بعض، حتى تكون كأوساط الرجال.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كأنه قطع النّحاس.
وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بالجمالات الصفر: الإبل السود، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، وأن الجِمالات جمع جِمال.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
في تسميتها بالجمالات الصفر وجهان:
... زعم بعض العلماء أن المراد هو الصفرة لا السواد، لأن الشرر إنما يسمى شررا ما دام يكون نارا، ومتى كان نارا كان أصفر، وإنما يصير أسود إذا انطفأ، وهناك لا يسمى شررا، وهذا القول عندي هو الصواب.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.