البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ} (33)

وقرأ الجمهور ، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : { جمالات } بكسر الجيم وبالألف والتاء ، جمع جمال جمع الجمع وهي الإبل ، كقولهم : رجالات قريش ؛ وابن عباس وقتادة وابن جبير والحسن وأبو رجاء : بخلاف عنهم كذلك ، إلا أنهم ضموا الجيم ، وهي جمال السفن ، الواحد منها جملة لكونه جملة من الطاقات والقوى ، ثم جمع على جمل وجمال ، ثم جمع جمال ثانياً جمع صحة فقالوا : جمالات .

وقيل : الجمالات : قلوص الجسور .

وقرأ حمزة والكسائي وحفص وأبو عمرو في رواية الأصمعي ، وهارون عنه : جمالة بكسر الجيم ، لحقت جمالاً التاء لتأنيث الجمع ، كحجر وحجارة .

وقرأ ابن عباس والسلمي والأعمش وأبو حيوة وأبو نحرية وابن أبي عبلة ورويس : كذلك ، إلا أنهم ضموا الجيم .

قال ابن عباس وابن جبير : الجمالات : قلوص السفن ، وهي حباله العظام ، إذا اجتمعت مستديرة بعضها إلى بعض جاء منها أجرام عظام .

وقال ابن عباس أيضاً : الجمالات : قطع النحاس الكبار ، وكان اشتقاق هذه من اسم الجملة .

وقرأ الحسن : صفر ، بضم الفاء ؛ والجمهور : بإسكانها ، شبه الشرر أولاً بالقصر ، وهو الحصن من جهة العظم ومن جهة الطول في الهواء ؛ وثانياً بالجمال لبيان التشبيه .

ألا تراهم يشبهون الإبل بالأفدان ، وهي القصور ؟ قال الشاعر :

فوقفت فيها ناقتي فكأنها *** فدن لأقصى حاجة المتلوم

ومن قرأ بضم الجيم ، فالتشبيه من جهة العظم والطول .

والصفرة الفاقعة أشبه بلون الشرر ، قاله الجمهور : وقيل : صفر سود ، وقيل : سود تضرب إلى الصفرة .

وقال عمران بن حطان الرقاشي :

دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم *** بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى