ثم شبه الشرر باعتبار لونه فقال : { كَأَنَّهُ جمالات صُفْرٌ } وهي جمع جمال ، وهي الإبل ، أو جمع جمالة . قرأ الجمهور «جِمَالاَتٌ » بكسر الجيم . وقرأ حمزة والكسائي وحفص : { جِمَالَةٌ } جمع جمل . وقرأ ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وأبو رجاء ( جمالات ) بضم الجيم ، وهي حبال السفن . قال الواحدي : والصفر معناها السود في قول المفسرين . قال الفرّاء : الصفر سواد الإبل لا يرى أسود من الإبل إلاّ وهو مشرب صفرة ، لذلك سمت العرب سود الإبل صفراً . قيل : والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل السود ، ومنه قول الشاعر :
تلك خيلي وتلك ركابي *** هنّ صفر أولادها كالزبيب
أي هنّ سود ، قيل : وهذا القول محال في اللغة أن يكون شيء يشوبه شيء قليل ، فينسب كله إلى ذلك الشائب ، فالعجب لمن قال بهذا ، وقد قال تعالى : { جمالة صُفْرٌ } . وأجيب بأن وجهه أن النار خلقت من النور فهي مضيئة ، فلما خلق الله جهنم ، وهي موضع النار حشي ذلك الموضع بتلك النار ، وبعث إليها سلطانه وغضبه فاسودّت من سلطانه وازدادت سواداً ، وصارت أشدّ سواداً من كل شيء ، فيكون شررها أسود لأنه من نار سوداء .
قلت : وهذا الجواب لا يدفع ما قاله القائل ، لأن كلامه باعتبار ما وقع في الكتاب العزيز هنا من وصفها بكونها صفراء ، فلو كان الأمر كما ذكره المجيب من اسوداد النار ، واسوداد شررها ، لقال الله : كأنها جمالات سود ، ولكن إذا كانت العرب تسمي الأسود أصفر لم يبق إشكال ، لأن القرآن نزل بلغتهم ، وقد نقل الثقات عنهم ذلك ، فكان ما في القرآن هنا وارداً على هذا الاستعمال العربي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.