قوله : «جِمَالات » قرأ الأخوان وحفص : «جمالات » ، والباقون{[59059]} : «جِمَالاَت » .
ف «الجِمَالة » نحو «ذكر ، وذِكارة ، وحجر ، وحِجَارة » .
والثاني : أنه جمع ك «الذِّكَارة ، والحِجَارة » . قاله أبو البقاء .
وأما «جمالات » ، فيجوز أن يكون جمعاً ل «جمالة » ، وأن يكون جمعاً ل «جمال » ، فيكون جمع الجمع ، ويجوز أن يكون جمعاً ل «جميل » المفرد كقولهم : «رجالات قريش » كذا قالوه . وفيه نظر ؛ لأنهم نصُّوا على أن الأسماء الجامدة ، وغير العاقلة لا تجمع بالألف والتاء ، إلا إذا لم تكسر ، فإن تكسرت لم تجمع ، وقالوا : ولذلك لحن المتنبي في قوله : [ الطويل ]
5061- إذَا كَانَ بَعْضُ النَّاس سَيْفاً لِدوْلَةٍ *** فَفِي النَِّاس بُوقاتٌ لَهُمْ وطُبُولُ{[59060]}
فجمع «بوقاً » على «بوقات » مع قولهم : «أبواق » ، فكذلك «جمالات » مع قولهم : «جمل ، وجمال » على أن بعضهم لا يجيز ذلك ، ويجعل نحو «حمامات ، وسجلات » شاذًّا ، وإن لم يكسر .
وقرأ ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وأبو رجاء{[59061]} ، بخلاف عنهم كذلك ، إلا أنهم ضموا الجيم ، وهي حبال السفن .
وقيل : قلوص الجسور ، الواحد منها جملة ، لاشتمالها على طاقات الحبال ، وفيها وجهان :
أحدهما : أن يكون «جُمالات » - بالضم - جمع جمال ، ف «جمال » جمع «جملة » ، كذا قال أبو حيَّان ، ويحتاج في إثبات أن «جُمَالات » جمع «جملة » بالضم إلى نقل .
والثاني : أن «جمالات » جمع «جمالة » . قاله الزمخشري . وهو ظاهر .
وقرأ ابن عبَّاس والسلمي{[59062]} وأبو حيوة : «جُمَالة » بضم الجيم لما قاله الزمخشري آنفاً .
وروي عن علي - رضي الله عنه - أنها قطع النُّحاس .
قوله : { صُفْرٌ } . صفة ل «جمالات » أو ل «جمالة » لأنه إما جمع أو اسم جمع .
والعامة : على سكون الفاء جمع ، والحسن{[59063]} بضمها ، كأنه إتباع ، ووقع التشبيه بها في غاية الفصاحة .
قال الزمخشري : وقيل : «صُفْر » سود تضرب إلى الصفرة ، وفي شعر عمران بن حطَّان الخارجيِّ : [ الطويل ]
5062- دَعتْهُمْ بأعْلَى صَوْتهَا ورَمتهُمُ *** بِمِثْلِ الجمالِ الصُّفْرِ نزَّاعةُ الشَّوَى{[59064]}
5063- حَمْرَاءُ سَاطِعَةُ الذَّوائِبِ في الدُّجَى*** تَرْمِي بكُلِّ شَرارةٍ كطِرَافِ{[59065]}
فشبهها بالطِّراف ، وهو بيت الأدم في العظمِ والحمرة ، وكأنه قصد بخبثه أن يزيد على تشبيه القرآن ، ولتبجحه بما سوّل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته قوله : حمراء ، توطئة لها ومناداة عليها تنبيهاً للسَّامعين على مكانها ، ولقد عمي ، جمع الله له عمى الدارين عن قوله تعالى : { كَأَنَّهُ جمالات صُفْرٌ } فإنه بمنزلة قوله : كبيت أحمر وعلى أن في التشبيه بالقصر ، وهو الحصن تشبيهاً من جهتين : من جهة العظم ، ومن جهة الطّول في الهواء . انتهى .
وكان قد قال قبل ذلك بقليل : «شبهت بالقصور ، ثم بالجمال لبيان التشبيه ؛ ألا ترى أنهم يشبهون الإبل بالأفدان والمجادل » .
والأفدان : القصور ؛ كأنه يشير إلى قول عنترة : [ الكامل ]
5064- فَوقفْتُ فِيهَا نَاقَتِي وكَأنَّهَا *** فَدنٌ لأقْضِيَ حَاجةَ المُتلومِ{[59066]}
قال القرطبي{[59067]} : القصر : البناء العالي .
وقيل : القصر : جمع قصرة - ساكنة الصاد - مثل جمرة وجمرة ، وتمر وتمرة ، والقصر : الواحدة من جزل الحطب الغليظ .
قال سعيد بن جبير ، والضحاك : هي أصول الشجر والنخل العظام إذا وقع وقطع .
وقيل : أعناقه : شبّه الشرر بالجمال الصفر ، وهي الإبل السود ، والعرب تسمي السود من الإبل صفراً .
5065- تِلْكَ خَيْلِي منهُ وتِلْكَ رِكَابِي*** هُنَّ صُفْرٌ أولادُهَا كالزَّبيبِ{[59068]}
أي : هنّ سود ، وإنما سميت السود من الإبل صفراً ؛ لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة .
قال الترمذي : وهذا القول ضعيف ، ومحال في اللغة أن يكون من يشوبه قليل فينسب كله إلى ذلك الشائب{[59069]} ، فالعجب ممن قال هذا ، وقد قال تعالى : { جمالات صُفْرٌ } فلا نعلم شيئاً من هذا في اللغة . والجمالات : الجمال .
وقال الفراء : يجوز أن تكون الجُمَالات - بالضم - من الشيء المجمل ، يقال : أجملت الحساب ، وجاء القوم جملة ، أي مجتمعين .
والمعنى : أن هذا الشرر يرتفع كأنه شيء مجموع غليظ أصفر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.