معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

قوله تعالى : { وقالوا أئذا كنا عظاما } بعد الموت ، { ورفاتاً } قال مجاهد : تراباً . وقيل : حطاماً . و الرفات : كل ما تكسر وبلى من كل شيء ، كالفتات والحطام . { أئنا لمبعوثون خلقا جديدا } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

{ 49-52 } { وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا }

يخبر تعالى عن قول المنكرين للبعث وتكذيبهم به واستبعادهم بقولهم : { أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا } أي : أجسادا بالية { أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا } أي : لا يكون ذلك وهو محال بزعمهم ، فجهلوا أشد الجهل حيث كذبوا رسل الله وجحدوا آيات الله وقاسوا قدرة خالق السماوات والأرض بقدرتهم الضعيفة العاجزة .

فلما رأوا أن هذا ممتنع عليهم لا يقدرون عليه جعلوا قدرة الله كذلك .

فسبحان من جعل خلقا من خلقه يزعمون أنهم أولو العقول والألباب مثالا في جهل أظهر الأشياء وأجلاها وأوضحها براهين وأعلاها ليرى عباده أنه ما ثم إلا توفيقه وإعانته أو الهلاك والضلال .

{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ }

ولهذا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعادا : { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

قال الإِمام الرازى : اعلم أنه تعالى لما تكلم أولا فى الإِلهيات ، ثم أتبعه بذكر شبهاتهم فى النبوات ، ذكر فى هذه الآيات شبهات القوم فى إنكار المعاد والبعث والقيامة . . .

والرفات : ما تكسر وبَلِىَ من كل شئ كالفتات . يقال : رفت فلان الشئ يرفته - بكسر الفاء وضمها - ، إذا كسره وجعله يشبه التراب .

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أئذا كنا . . . } وفى قوله { أئنا لمبعوثون . . } للاستبعاد والإِنكار .

أى : وقال الكافرون المنكرون لوحدانية الله - تعالى - ، ولنبوة النبى صلى الله عليه وسلم ، وللبعث والحساب ، قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم على سبيل الإِنكار والاستبعاد ، أئذا كنا يا محمد ، عظاما بالية ، ورفاتا يشبه التراب فى تفتته ودقته ، أئنا لمعادون إلى الحياة مرة أخرى ، بحيث تعود إلينا أرواحنا ، وتدب الحياة فينا ثانية ، ونبعث على هيئة خلق جديد ، غير الذى كنا عليه فى الدنيا ؟ .

وقولهم هذا ، يدل على جهلهم المطبق ، بقدرة الله - تعالى - التى لا يعجزها شئ ، وكرر - سبحانه - الاستفهام فى الآية الكريمة ، للإِشعار بإيغالهم فى الجحود والإِنكار .

والعامل فى { إذا } محذوف ، والتقدير : أنبعث أو أنحشر إذا كنا عظاما ورفاتا ، وقد دل على هذا المحذوف قوله - تعالى - : { أئنا لمبعوثون } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار المستبعدين وقوع المعاد ، القائلين استفهام إنكار منهم لذلك : { أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا } أي : ترابًا . قاله مجاهد .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : غبارًا .

{ أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } أي : يوم القيامة { خَلْقًا جَدِيدًا } أي : بعد ما بلينا وصرنا عدمًا لا يذكر . كما أخبر عنهم في الموضع الآخر : { يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ* أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً* قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } [ النازعات : 10 - 12 ] قال تعالى{[17581]} : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [ يس : 78 ، 79 ] .


[17581]:في ف: "وقال تعالى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُوَاْ أَإِذَا كُنّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالاَخرة من مشركي قريش ، وقالوا بعنتهم : أئِذَا كُنّا عِظاما لم نتحطم ولم نتكسّر بعد مماتنا وبلانا وَرُفاتا يعني ترابا في قبورنا ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، يقول الله : رُفاتا قال : ترابا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَقالُوا أئذَا كُنّا عِظاما وَرُفاتا يقول : غُبارا ، ولا واحد للرّفات ، وهو بمنزلة الدّقاق والحُطَام ، يقال منه : رُفِتَ يُرْفَت رَفْتا فهو مرفوت : إذا صُيّر كالحُطام والرّضاض .

وقوله : أئِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقا جَدِيدا قالوا ، إنكارا منهم للبعث بعد الموت : إنا لمبعوثون بعد مصيرنا في القبور عظاما غير منحطمة ، ورفاتا منحطمة ، وقد بَلِينا فصرنا فيها ترابا ، خلقا مُنْشَأ كما كنا قبل الممات جديدا ، نعاد كما بدئنا ؟ فأجابهم جلّ جلاله يعرّفهم قُدرته على بعثه إياهم بعد مماتهم ، وإنشائه لهم كما كانوا قبل بِلاهُم خلقا جديدا ، على أيّ حال كانوا من الأحوال ، عظاما أو رُفاتا ، أو حجارة أو حديدا ، أو غير ذلك مما يعظُم عندهم أن يحدث مثله خَلقْا أمثالَهم أحياء ، قل يا محمد : كونوا حجارة أو حديدا ، أو خلقا مما يكبر في صدوركم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

يجوز أن يكون جملة { وقالوا } معطوفة على جملة { قل لو كان معه آلهة كما تقولون } [ الإسراء : 42 ] باعتبار ما تشتمل عليه من قوله : كما تقولون لقصد استئصال ضلالة أخرى من ضلالاتهم بالحجّة الدامِغة ، بعد استئصال الّتي قبلها بالحجة القاطعة بقوله قل لو كان معه آلهة كما تقولون الآية وما بينهما بمنزلة الاعتراض .

ويجوز أن تكون عطفاً على جملة { إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } [ الإسراء : 47 ] التي مضمونها مظروف للنجوى ، فيكون هذا القول مما تَنَاجَوْا به بينهم ، ثم يجهرون بإعلانه ويعُدونه حجتهم على التكذيب .

والاستفهام إنكاري .

وتقديم الظرف من قوله : { أئذا كنا عظاماً } للاهتمام به لأن مضمونه هو دليل الاستحالة في ظنهم ، فالإنكار متسلط على جملة { أئنا لمبعوثون } . وقوة إنكار ذلك مقيد بحالة الكون عظاماً ورفاتاً ، وأصل تركيب الجملة : أإنا لمبعوثون إذا كنا عظاماً ورفاتاً .

وليس المقصود من الظرف التقييد ، لأن الكون عظاماً ورفاتاً ثابت لكل من يموت فيبعث .

والبعث : الإرسال . وأطلق هنا على إحياء الموتى ، لأن الميت يشبه الماكث في عدم مبارحة مكانه .

والعظام : جمع عظم ، وهوما منه تركيب الجسد للإنسان والدواب . ومعنى { كنا عظاماً } أنهم عظام لا لحم عليها .

والرفات : الأشياء المرفوتة ، أي المفتتة . يقال : رفَت الشيء إذا كسره كِسراً دقيقة . ووزن فُعال يدل على مفعول أفعال التجزئة مثل الدقاق والحُطام والجُذاذ والفُتات .

و { خلقاً جديداً } حال من ضمير « مبعوثون » . وذكر الحال لتصوير استحالة البعث بعد الفناء لأن البعث هو الإحياء ، فإحياء العظام والرفات محال عندهم ، وكَوْنهم خلقاً جديداً أدخل في الاستحالة .

والخلق : مصدر بمعنى المفعول ، ولكونه مصدراً لم يتبع موصوفه في الجمع .