فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

{ وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ( 49 ) }

ولما فرغ سبحانه من حكاية شبهة القوم في النبوات حكى شبهتهم في أمر المعاد فقال : { وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا } الاستفهام للاستنكار والاستبعاد لما بين رطوبة الحي ويبوسة الرميم من المباعدة والمنافاة وتقرير الشبهة أن الإنسان إذا مات جفت عظامه وتناثرت وتفرقت في جوانب العالم واختلطت بسائطها بأمثالها من العناصر فكيف يعقل بعد ذلك اجتماعها بأعيانها ثم عود الحياة إلى ذلك المجموع .

فأجاب سبحانه عنهم كما سيأتي بأن إعادة بدن الميت إلى حال الحياة أمر ممكن ولو فرضتم أن بدنه قد صار أبعد شيء من الحياة ومن رطوبة الحي كالحجارة والحديد فهو كقول القائل أتطمع في وأنا ابن فلان فيقول كن ابن السلطان أو ابن من شئت فسأطلب منك حقي .

والرفات ما تكسر وبلى من كل شيء كالفتاة والحطام والرضاض قاله أبو عبيدة والكسائي والفراء والأخفش يقول منه رفت الشيء رفتا أي حطم فهو مرفوت وقيل الرفات الغبار قاله ابن عباس وقيل التراب ، قال مجاهد ويؤيده أنه تكرر في القرآن ترابا وعظاما ، وقيل الرفات هو ما بولغ في دقه وتفتيته وهو اسم لأجزاء ذلك الشيء المفتت أي أجزاء متفتتة .

{ أَئنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا } كرر الاستفهام الدال على الاستنكار والاستعباد تأكيدا وتقريرا