الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

قوله تعالى : { أَإِذَا كُنَّا } : قد تقدَّم خلافُ القراء في الاستفهامين كهذه الايةِ في سورة الرعد ، وتحقيقُ ذلك . والعاملُ في " إذا " محذوفٌ تقديرُه : أنُبْعَثُ أو أنُحْشَرُ إذا كنَّا ، دلَّ عليه " لمَبْعوثون " ، ولا يعملُ فيها " مَبْعوثون " هذا ؛ لأنَّ ما بعد " إنَّ " لا يعملُ فيما قبلها ، وكذا ما بعدَ الاستفهامِ لا يعملُ فيما قبله ، وقد اجتمعا هنا ، وعلى هذا التقديرِ الذي ذَكرْتُه تكون " إذا " متمحِّضةً للظرفيةِ ، ويجوز أَنْ تكونَ شرطيةً فَيُقَدَّرُ العاملُ فيها جوابَها ، تقديرُه : أإذا كنا عظاماً ورُفاتاً نُبْعَثُ أو نُعادُ ، ونحو ذلك ، فهذا المحذوفُ جوابُ الشرطِ عند سيبويه والذي انصبَّ عليه/ الاستفهامُ عند يونس .

قوله : " ورُفاتاً " الرُّفات : ما بُوْلِغَ في دَقِّه وتَفْتِيتِه وهو اسمٌ لأجزاءِ ذلك الشيءِ المُفَتَّتِ . وقال الفراء : " هو التراب " . ويؤيِّده أنه قد تكرَّر في القرآن " تُرابا وعظاماً " . ويقال رََفَتَ الشيءَ يَرْفِت بالكسرِ ، أي : كَسرَه . والفُعال يغلب في التفريق كالحُطام والدُّقاق والفُتات .

قوله : " خَلْقاً " يجوز فيه وجهان ، أحدُهما : أنه مصدرٌ من معنى الفعلِ لا مِنْ لفظِه ، أي : نُبْعَثُ بَعْثاً جديداً . والثاني : أنه في موضع الحالِ ، أي : مَخْلوقين .