معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

قوله تعالى : { فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليهم فأقبلت امرأته في صرة } أي : صيحة ، قيل : لم يكن ذلك إقبالاً من مكان إلى مكان ، وإنما هو كقول القائل : أقبل يشتمني أخذ بمعنى أخذ في شتمي ، أي أخذت تولول كما قال الله تعالى : { قالت يا ويلتى }( هود-72 ) ، { فصكت وجهها } قال ابن عباس : لطمت وجهها . وقال الآخرون : جمعت أصابعها فضرت جبينها تعجباً ، كعادة النساء إذا أنكرن شيئاً ، وأصل الصك : ضرب الشيء بالشيء العريض . { وقالت عجوز عقيم } مجازه : أتلد عجوز عقيم ؟ وكانت سارة لم تلد قبل ذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

فلما سمعت المرأة البشارة { أقبلت } فرحة مستبشرة { فِي صَرَّةٍ } أي : صيحة { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } وهذا من جنس ما يجري من لنساء عند السرور [ ونحوه ] من الأقوال والأفعال المخالفة للطبيعة والعادة ، { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي : أنى لي الولد ، وأنا عجوز ، قد بلغت من السن ، ما لا تلد معه النساء ، ومع ذلك ، فأنا عقيم ، غير صالح رحمي للولادة أصلاً ، فثم مانعان ، كل منهما مانع من الولد ، وقد ذكرت المانع الثالث في سورة هود بقولها : { وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما كان من امرأته بعد أن سمعت بهذه البشرى فقال : { فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } .

أى : فأقبلت امرأة إبراهيم - عليه السلام - وهى تصيح فى تعجب واستغراب من هذه البشرى . فضربت بيدها على وجهها وقالت : أنا عجوز عقيم فكيف ألد ؟

والصرة : من الصرير وهو الصوت ، ومنه صرير الباب ، أى : صوته ، والصك الضرب الشديد على الوجه ، وعادة ما تفعله النساء إذا تعجبن من شىء .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى سورة هود : { قَالَتْ ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } وهنا رد عليها الملائكة بما يزيل تعجبها واستغرابها واستبعادها لأن يكون لها ولد مع كبر سنها ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

وقوله : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } أي : في صرخة عظيمة {[27440]} ورنة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح ، والضحاك ، وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها : { يَا وَيْلَتَا } { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } {[27441]} أي : ضربت بيدها على جبينها ، قاله مجاهد وابن{[27442]} سابط .

وقال ابن عباس : لطمت ، أي تعجبا كما تتعجب{[27443]} النساء من الأمر الغريب ، { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي : كيف ألد وأنا عجوز [ عقيم ] {[27444]} ، وقد كنتُ في حال الصبا عقيما لا أحبل ؟ .


[27440]:- (5) في م، أ: "وعيطة".
[27441]:- (6) في م: "وصكت".
[27442]:- (7) في م: "وأبو".
[27443]:- (8) في م: "يتعجب".
[27444]:- (9) زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

قوله : فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ يعني : سارّة ، وليس ذلك إقبال نقلة من موضع إلى موضع ، ولا تحوّل من مكان إلى مكان ، وإنما هو كقول القائل : أقبل يشتمني ، بمعنى : أخذ في شتمي . وقوله : فِي صَرّةٍ يعني : في صيحة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فِي صَرّةٍ يقول : في صيحة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ فَصَكّتْ وَجْهَها يعني بالصرّة : الصيحة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فِي صَرّةٍ قال : صيحة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ : أي أقبلت في رنة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : صَرّةٍ قال : أقبلت ترنَ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن العلاء بن عبد الكريم اليامي ، عن ابن سابَط ، قوله : فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ قال : في صيحة .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ قال : الصرّة : الصيحة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال سمعت الضحاك يقول في قوله : فِي صَرّةٍ يعني : صيحة . وقد قال بعضهم : إنّ تلك الصيحة أوّه مقصورة الألف .

وقوله : فَصَكّتْ وَجْهَها اختلف أهل التأويل في معنى صكها ، والموضع الذي ضربته من وجهها ، فقال بعضهم : معنى صكها وجهها : لَطْمِها إياه . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَصَكّتْ وَجْهَها يقول : لَطَمت .

وقال آخرون : بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا . ذكر من قال ذلك :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : لما بَشّر جبريل سارَة بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، ضربت جبهتها عجبا ، فذلك قوله : فَصَكّتْ وَجْهَها .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فَصَكّتْ وَجْهَها قال : جبهتها .

حدثني ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن العلاء بن عبد الكريم الياميّ ، عن ابن سابَط ، قوله : فَصَكّتْ وَجْهَها قال : قالت هكذا وضرب سفيان بيده على جبهته .

قال : ثنا مهران عن سفيان فَصَكّتْ وَجْهَها وضعت يدها على جبهتها تعجبا ، والصكّ عند العرب : هو الضرب . وقد قيل : إن صكها وجهها ، أن جمعت أصابعها ، فضربت بها جبهتها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ يقول : وقالت : أتلد وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه ، وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم ، وعنى بالعقيم : التي لا تلد . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سليمان ، أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن مشاش ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : عَجُوزٌ عَقِيمٌ قال : لا تلد .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا رجل من أهل خراسان من الأزد ، يكنى أبا ساسان ، قال : سألت الضحاك ، عن قوله : عَقِيمٌ قال : التي ليس لها ولد .

تابع : تفسير سورة الذاريات

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فأقبلت امرأته} سارة {في صرة} يعني في صيحة، وقالت: أوه يا عجباه {فصكت وجهها} فضربت بيدها جبينها، أو خدها تعجبا {وقالت عجوز} من الكبر {عقيم} آيسة من الولد...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"فأَقْبَلَتِ امْرأتُهُ فِي صَرّةٍ "يعني: سارّة، وليس ذلك إقبال نقلة من موضع إلى موضع، ولا تحوّل من مكان إلى مكان، وإنما هو كقول القائل: أقبل يشتمني، بمعنى: أخذ في شتمي. وقوله: "فِي صَرّةٍ" يعني: في صيحة... عن قتادة، في قوله: صَرّةٍ قال: أقبلت ترنَ...

وقوله: "فَصَكّتْ وَجْهَها" اختلف أهل التأويل في معنى صكها، والموضع الذي ضربته من وجهها؛

فقال بعضهم: معنى صكها وجهها: لَطْمِها إياه...

وقال آخرون: بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا... عن سفيان "فَصَكّتْ وَجْهَها" وضعت يدها على جبهتها تعجبا، والصكّ عند العرب: هو الضرب. وقد قيل: إن صكها وجهها، أن جمعت أصابعها، فضربت بها جبهتها.

"وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ" يقول: وقالت: أتلد، وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه، وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم، وعنى بالعقيم: التي لا تلد...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي أقبلت على أهلها، وذلك لأنها كانت في خدمتهم، فلما تكلموا مع زوجها بولادتها استحيت وأعرضت عنهم، فذكر الله تعالى ذلك بلفظ الإقبال على الأهل، ولم يقل بلفظ الإدبار عن الملائكة...

واستبعدت ذلك لوصفين من اجتماعهما. (أحدهما) كبر السن. (والثاني) العقم، لأنها كانت لا تلد في صغر سنها، وعنفوان شبابها، ثم عجزت وأيست فاستبعدت، فكأنها قالت: يا ليتكم دعوتم دعاء قريبا من الإجابة، ظنا منها أن ذلك منهم، كما يصدر من الضيف على سبيل الأخيار من الأدعية كقول الداعي: الله يعطيك مالا ويرزقك ولدا.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فصكت} أي ضربت بسبب تعجبها بأطراف أناملها فعل المتعجب {وجهها} لتلاشي أسباب الولد في علمها بسبب العادة مع معرفتها بأن العبرة في الأسباب وإن كانت سليمة بالمسبب لا بها...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها. وقالت: عجوز عقيم).. وقد سمعت البشرى، فبغتت وفوجئت، فندت منها صيحة الدهش، وعلى عادة النساء ضربت خديها بكفيها. وقالت: عجوز عقيم. تنبئ عن دهشتها لهذه البشرى وهي عجوز. وقد كانت من الأصل عقيما. وقد أخذتها المفاجأة العنيفة التي لم تكن تتوقعها أبدا، فنسيت أن البشرى تحملها الملائكة! عندئذ ردها المرسلون إلى الحقيقة الأولى. حقيقة القدرة التي لا يقيدها

شيء، والتي تدبر كل أمر بحكمة وعلم.