فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ} (29)

{ فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ } لم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان ، وإنما هو كقولك : أقبل يشتمني : أي أخذ في شتمي ، كذا قال الفراء وغيره . والصرّة : الصيحة والضجة ، وقيل : الجماعة من الناس . قال الجوهري : الصرّة : الضجة والصيحة ، والصرّة : الجماعة ، والصرّة : الشدّة من كرب أو غيره ، والمعنى : أنها أقبلت في صيحة ، أو في ضجة ، أو في جماعة من الناس يستمعون كلام الملائكة ، ومن هذا قول امرئ القيس :

فألحقه بالهاديات ودونه *** جراجرها في صرّة لم تزيل

وقوله : { فِي صَرَّةٍ } في محل نصب على الحال { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } أي ضربت بيدها على وجهها كما جرت بذلك عادة النساء عند التعجب . قال مقاتل والكلبي : جمعت أصابعها ، فضربت جبينها تعجباً ، ومعنى الصكّ : ضرب الشيء بالشيء العريض ، يقال : صكه أي ضربه { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي كيف ألد وأنا عجوز عقيم ؟ استبعدت ذلك لكبر سنها ، ولكونها عقيماً لا تلد .

/خ37