قوله تعالى : { فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ } قيل{[52858]} : لم يكن ذلك إقبالاً من مكان إلى مكان ، وإنما هو كقول القائل : أقبل يَشْتُمُنِي بمعنى أخذ في شَتْمِي ، أي أخذت تُوَلْوِلُ ، لقوله : { قَالَتْ يا ويلتى } [ هود : 72 ] ، وذلك أنها كانت مع زوجها في خدمتهم ، فلما تكلموا مع زوجها بولادتها استحت وأعرضت عنهم ، فذكر الله تعالى ذلك بلفظ الإقبال على الأهل ، ولم يقل بلفظ الإدبار عن الملائكة{[52859]} .
قوله : «فِي صَرَّةٍ » يجوز أن يكون حالاً من الفاعل أي كائنةً في صَرَّة{[52860]} . والصَّرة قيل : الصيحة ، قال امرؤ القيس :
فَأَلْحَقْنَا بِالْهَادِيَاتِ وَدُونَهُ *** جَوَاحِرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ{[52861]}
قال الزمخشري : من صَرَّ الجُنْدُبُ والبابُ والقلمُ{[52862]} ، أي فصاحت كما جرت عادة النساء إذا سمعن شيئاً من أحوالهن يَصِحْنَ صيحةً معتادة لهن عند الاستحياء أو التعجب .
ويحتمل أن يقال : تلك الصيحة كانت بقولها : يَا وَيْلَتَا ، ومحلّها النصب على الحال أي فجاءت صارةً .
ويجوز أن يتعلق ب «أَقْبَلَتْ » أي أقبلت في جماعة نسوةٍ{[52863]} كُنَّ معها ، والصَّرة الجماعة من النساء .
قوله : «فَصَكَّتْ وَجْهَهَا » قال ابن عباس - ( رضي{[52864]} الله عنهما ) - : فلطمت{[52865]} وَجْهَهَا . واختلف في صفته فقيل : هو الضرب باليد مبسوطةً . وقيل : بل ضرب الوجه بأطرافِ الأصابع فعل المتعجِّب ، وهو عادة النساء إذا أنكرنَ شيئاً . وأصل الصكّ ضرب الشيء بالشيء العَريض{[52866]} .
قوله : «عَجُوزٌ » خبر مبتدأ مضمر أي أنا عجوزٌ عقيمٌ فكيف ألد ؟ وتفسرها الآية الأخرى ، فاستبعدت ذلك ظنًّا منها أن ذلك منهم على سبيل الدعاء ، فكأنها قالت : يا ليتكم دعوتم دعاء قريباً من الإجابة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.