{ عذراً أو نذراً } أي للإعذار والإنذار ، وقرأ الحسن { عذراً } بضم الذال واختلف فيه عن أبي بكر عن عاصم ، وقراءة العامة بسكونها ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص { نذراً } ساكنة الذال وقرأ الباقون بضمها ، ومن سكن قال : لأنهما في موضع مصدرين بمعنى الإنذار والإعذار ، وليسا بجمع فينقلا إلى ها هنا أقسام ذكرها على قوله
وقوله { عُذْراً أَوْ نُذْراً } منصوبان على أنهما بدل اشتمال من قوله { ذكرا } أو مفعول لأجله .
أى : أن الملائكة يلقون وحى الله - تعالى - إلى أنبيائه ، لإِزالة أعذار المعتذرين عن الإِيمان ، حتى لا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ، ولإِنذار الكافرين والفاسقين ، حتى يقلعوا عن كفرهم وفسوقهم .
وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل } قال صاحب الكشاف : فإن قلت ما العذر والنذر ، وبماذا انتصبا ؟ قلت : هما مصدران من أعذر إذا محا الإِساءة ، ومن أنذر إذا خوف على فعل كالكفر والنكر ، ويجوز أن يكون جمع عذير ، بمعنى المعذرة ، وجمع نذير بمعنى الإِنذار . . وأما انتصابهما فعلى البدل من ذكرا . . أو على المفعول له . .
وقوله : { فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } يعني : الملائكة قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، ومسروق ، ومجاهد ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والسّدي ، والثوري . ولا خلاف هاهنا ؛ فإنها تنزل بأمر الله على الرسل ، تفرق بين الحق والباطل ، والهدى والغيّ ، والحلال والحرام ، وتلقي إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق ، وإنذارٌ لهم عقابَ الله إن خالفوا أمره .
وقوله : عُذْرا أوْ نُذْرا يقول تعالى ذكره : فالملقيات ذكرا إلى الرسل إعذارا من الله إلى خلقه ، وإنذارا منه لهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة عُذْرا أوْ نُذْرا قال : عذرا من الله ، ونُذْرا منه إلى خلقه .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله عُذْرا أوْ نُذْرا : عذرا لله على خلقه ، ونذرا للمؤمنين ينتفعون به ، ويأخذون به .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس عُذْرا أوْ نُذْرا يعني : الملائكة .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والشام وبعض المكيين وبعض الكوفيين : عُذْرا بالتخفيف ، أو نُذْرا بالتثقيل . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة وبعض البصريين بتخفيفهما ، وقرأه آخرون من أهل البصرة بتثقيلهما والتخفيف فيهما أعجب إليّ وإن لم أدفع صحة التثقيل لأنهما مصدران بمعنى الإعذار والإنذار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.