الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا} (6)

قوله : { عُذْراً أَوْ نُذْراً } : فيهما أوجهٌ ، أحدُها : أنَّهما بدلانِ مِنْ " ذِكْراً " . الثاني : أنهما منصوبان به على المفعوليةِ ، وإعمالُ المصدرِ المنوَّنِ جائزٌ . ومنه { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً } [ البلد : 14 - 15 ] . الثالث : أنَّهما مفعولان مِنْ أجلِهما ، والعاملُ فيه : إمَّا " المُلْقِيات " ، وإمَّا " ذِكْراً " ؛ لأنَّ كُلاًّ منهما يَصْلُحُ أَنْ يكونَ مَعْلولاً بأحدِهما ، وحينئذٍ يجوزُ في " عُذْراً " و " نُذْراً " وجهان ، أحدُهما : أَنْ يكونا مصدرَيْنِ بسكونِ العينِ كالشُّكر والكُفْر . والثاني : أَنْ يكونا جمعَ عَذِير ونَذِير ، المرادِ بهما المصدرُ بمعنى : الإِعذارِ والإِنذارِ ، كالنَّكير بمعنى الإِنكار . الرابع : أنَّهما منصوبان على الحالِ من " المُلْقِيات " ، أو من الضمير فيها ، وحينئذٍ يجوزُ أَنْ يكونا مصدرَيْنِ واقعَيْنِ مَوْقِعَ الحالِ بالتأويلِ المعروفِ في أمثاله ، وأَنْ يكونا جمعَ عذيرٍ ونذيرٍ مُراداً بهما المصدرُ ، أو مراداً بهما اسمُ الفاعلِ بمعنى : المُعْذِر والمُنْذِر ، أي : مُعْذِرين أو مُنْذِرين .

وقرأ العامَّةُ بسكونِ الذالِ مِنْ " عُذْراً " و " نُذْراً " . وقرأ زيدُ ابن ثابت وابن خارجة وطلحةُ بضمِّها والحَرَميَّان وابنُ عامر وأبو بكر بسكونِها في " عُذْراً " وضمِّها في " نُذُراً " . والسكونُ والضمُّ كما تقدَّمَ في أنَّه يجوزُ أَنْ يكونَ كلُّ منهما أصلاً للآخرِ ، وأَنْ يكونا أصلَيْنِ ، ويجوز في كلٍ من المثقَّلِ والمخفَّفِ أن يكونَ مصدراً ، وأَنْ يكونَ جمعاً سَكَنَتْ عينُه تخفيفاً . وقرأ إبراهيم التيمي " عُذْراً ونُذْراً " بواو العطفِ موضعَ " أو " ، وهي تدلُّ على أنَّ " أو " بمعنى الواو .