{ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } يحتمل أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي ثدياها .
ويحتمل أن المراد المني الدافق ، وهو مني الرجل ، وأن محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه ، ولعل هذا أولى ، فإنه إنما وصف الله به الماء الدافق ، والذي يحس [ به ] ويشاهد دفقه ، هو مني الرجل ، وكذلك لفظ الترائب فإنها تستعمل في الرجل ، فإن الترائب للرجل ، بمنزلة الثديين للأنثى ، فلو أريدت الأنثى لقال : " من بين الصلب والثديين " ونحو ذلك ، والله أعلم .
{ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } أى : يخرج هذا الماء الدافق ، من بين صلب كل واحد منهما ، وترائب كل منهما . أى : أن أعضاء وقوى كل منهما ، تتعاون فى تكوين ما هو مبدأ لتوالد الإِنسان : ماء الرجل وهو المنى ، ومادة المرأة وهى البويضة المصحوبة بالسائل ، المنصبان بدفع وسيلان سريع إلى الرحم عند الاتصال الجنسى . ويسمى الفقهاء هذه المادة منيا وماء . .
وقال فضيلة الشيخ ابن عاشور : وأطنب - سبحانه - فى وصف هذا الماء الدافق ، لإِدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ، ليستيقظ الجاهل الكافر ، ويزداد المؤمن علما ويقينا .
ووصف بأنه { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } ، لأن الناس لا يتفطنون لذلك . . وهذا من الإِعجاز العلمى فى القرآن ، الذى لم يكن علم به للذين نزل بينهم ، وهو إشارة مجملة ، وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة فقال : " تغتسل إذا أبصرت الماء . فقيل له : أترى المرأة ذلك ؟ فقال : وهل يكون الشبه إلا من قِبَل ذلك ، إذا علا ماءُ المرأة ماءَ الرجل ، أشبه الولد أخواله ، وإذا علا ماءُ الرجل ماءها ، أشبه عمامه " " .
وقال صاحب الظلال : ولقد كان هذا سرا مكنونا فى علم الله لا يعلمه البشر ، حتى كان نصف القرن الأخير ، حيث اطعل العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته ، وعرف أنه فى عظام الظهر الفقارية ، يتكون ماء الرجل . وفى عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة ، حيث يلتقيان فى قرار مكين . فينشأ منهما الإِنسان . .
يعني : صلب الرجل وترائب المرأة ، وهو صدرها .
قال شبيب بن بشر ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس : { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } صلب الرجل وترائب المرأة ، أصفر رقيق ، لا يكون الولد إلا منهما . وكذا قال سعيد بن جُبَير ، وعكرمة ، وقتادة والسُّدِّي ، وغيرهم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن مِسْعَر : سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس : { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } قال : هذه الترائب . ووضع يده على صدره .
وقال الضحاك وعطية ، عن ابن عباس : تَريبة المرأة موضُع القلادة . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جُبَير . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الترائب : بين ثدييها .
وعن مجاهد : الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر . وعنه أيضا : الترائب أسفل من التراقي . وقال سفيان الثوري : فوق الثديين . وعن سعيد بن جُبَير : الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل .
وعن الضحاك : الترائب بين الثديين والرجلين والعينين .
وقال الليث بن سعد عن مَعْمَر بن أبي حبيبة{[29953]} المدني : أنه بلغه في قول الله عز وجل : { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } قال : هو عصارة القلب ، من هناك يكون الولد .
وعن قتادة : { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ } من بين صلبه ونحره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.