الآية 7 : وقوله تعالى : { يخرج من بين الصلب والترائب } اختلف في تأويله ؛ فمنهم من يقول : بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي الأضلاع الثمانية : أربع عن يمينها وأربع عن يسارها . قال بعضهم : الترائب ، هي الأطراف ، وقال بعضهم : الترائب موضع القلادة منها ، وقال بعضهم : الترائب ما دون التراقي وفوق الصدر .
ثم من الناس من صرف تأويلها إلى الرجل خاصة ، فقال : قوله : { من بين الصلب والترائب } أريد به صلب الرجل وترائبه ، وزعم أن الماء الذي يكون منه الولد ، ليس معدنه الصلب خاصة ، بل يجتمع من أطرافه كلها{[23464]} . ومن حمله على المعاني الأخر صرف الأمر إليهما جميعا ؛ وهو أن الماء الذي يخلق منه الولد يكون منهما جميعا . وذلك ذكره أبو بكر الأصم : أن الصلب كناية عن الرجل ، والترائب كناية عن المرأة ، فيكون هذا اسما لهما مأخوذا من أصل ما يكون منهما .
ألا ترى إلى قوله تعالى : { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } الآية ؟ [ النساء : 23 ] فأضاف الأبناء إلى الأصلاب .
وفي إخراج الماء من الصلب والترائب لطف من الله تعالى ؛ لأنه لو اجتهد الخلائق باستخراجه من بين ما ذكر بحيلهم وقواهم ووضعه في الرحم لم يقدروا عليه .
ثم الله بلطفه وضع هذه الشهوة في ما بين الخلق ، واستخرج بها الماء من بين الصلب والترائب ، لا أن يكون أحد يملك إخراجها بالأسباب والحيل كما وضع فيهم شهوة الأكل والشراب في كل جارحة من جوارح الأكل باللطف لا أن يكون ذلك العمل بالأكل والشراب خاصة . وكذلك يرى الإنسان إذا سقى أصل الشجرة ظهرت منفعة السقي في أغصانها وأوراقها وأثمارها . ولو أراد أحد أن يرى{[23465]}لأي معنى صلح أن يكون الماء بالمحل الذي ذكرنا ، وأراد أن يستخرج المعنى المجعول في الطعام من القوة التي ذكرنا لم يدرك{[23466]} ذلك .
فيكون في ما ذكرنا أبلغ حجة على الثنوية لأنهم ينكرون خلق الأشياء/636 – ب/لا من أشياء ، وزعموا أنا لم نشاهد كون الشيء من لا شيء ، والشاهد دليل الغائب ، فلزم ذلك في الذي غاب عنا .
فمن قدر على تصوير الولد في تلك الظلمات وفي الأماكن الضيقة ، وقدر أن يجعل في الماء والطعام المعاني التي يعجز الخلق عن إدراكها{[23467]} قادر على إنشاء الخلق لا من شيء ؛ إذ الأعجوبة في ما ذكرنا ، ليست بدون الأعجوبة من إنشاء شيء [ لا من شيء ]{[23468]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.