فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ} (7)

ثم وصف هذا الماء ، فقال : { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترائب } أي صلب الرجل ، وترائب المرأة ، والترائب جمع تريبة ، وهي : موضع القلادة من الصدر ، والولد لا يكون إلا من الماءين . قرأ الجمهور : { يَخْرُجُ } مبنياً للفاعل . وقرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم مبنياً للمفعول ، وفي الصلب : وهو الظهر لغات . قرأ الجمهور بضم الصاد وسكون اللام ، وقرأ أهل مكة بضم الصاد واللام . وقرأ اليماني بفتحهما . ويقال صالب على وزن قالب ، ومنه قول العباس بن عبد المطلب :

تنقل من صلب إلى رحم *** . . .

في أبياته المشهورة في مدح النبيّ صلى الله عليه وسلم . وقد تقدّم كلام في هذا عند تفسير قوله : { الذين مِنْ أصلابكم } [ النساء : 23 ] وقيل : الترائب ما بين الثديين . وقال الضحاك : ترائب المرأة : اليدين والرجلين والعينين . وقال سعيد بن جبير : هي الجيد . وقال مجاهد : هي ما بين المنكبين والصدر . وروي عنه أيضاً أنه قال : هي الصدر . وروي عنه أيضاً أنه قال : هي التراقي . وحكى الزجاج : أن الترائب عصارة القلب ، ومنه يكون الولد ، والمشهور في اللغة أنها عظام الصدر والنحر ، ومنه قول دريد بن الصمة :

فإن تدبروا نأخذكم في ظهوركم *** وإن تقبلوا نأخذكم في الترائب

قال عكرمة : الترائب الصدر ، وأنشد :

نظام درّ على ترائبها *** . . .

قال في الصحاح : التريبة واحدة الترائب . وهي : عظام الصدر ، قال أبو عبيدة : جمع التريبة تريب ، ومنه قول المثقب العبدي :

ومن ذهب يبين على تريب *** كلون العاج ليس بذي غضون

وقول امرئ القيس :

ترائبها مصقولة كالسجنجل *** . . .

وحكى الزجاج : أن الترائب أربع أضلاع من يمنة الصدر ، وأربع أضلاع من يسرة الصدر . قال قتادة والحسن : المعنى ويخرج من صلب الرجل وترائب المرأة . وحكى الفرّاء أن مثل هذا يأتي عن العرب يكون معنى { من بين الصلب } . من الصلب . وقيل : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ولا يخالف هذا ما في الآية ، لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب . وقيل : إن المعنى : يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية ، لأن نسبة خروجه إلى بين الصلب والترائب ، باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي : الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها .

/خ17