قوله : { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } ، أي : هذا الماء من بين الصلب ، أي : الظَّهر وقرأ العامة : «يَخْرجُ » مبنياً للفاعل ، وابنُ أبي عبلة وابن مقسم{[59818]} : مبنياً للمفعول . وقرأ - أيضاً{[59819]} - : وأهل «مكة » : «الصُّلُبِ » بضم الصاد واللام .
وقرأ اليماني{[59820]} : بفتحها ؛ ومنه قول العجَّاج : [ الرجز ]
5163- *** فِي صَلبٍ مِثلِ العِنانِ المُؤدَمِ{[59821]} ***
[ وفيه أربع لغات : «صُلْب ، وصُلُبٌ ، وصَلَبٌ ، وصَالب ، ومنه قوله ]{[59822]} : [ المنسرح ]
5164- تُنْقَلُ من صَالَبٍ إلى رحِمٍ{[59823]}*** . . .
والترائب : جميع تريبة ، وهي موضع القلادة من عظام الصَّدر ؛ لأن الولدَ مخلوق من مائهما ؛ فماء الرجل في صلبه ، وماء المرأة في ترائبها ، وهو معنى قوله تعالى : { مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } [ الإنسان : 2 ] ؛ وقال امرؤ القيس : [ الطويل ]
5165- مُهْفَهَفةٌ بَيْضاءُ غَيْرُ مُفاضَةٍ *** تَرَائِبُها مَصْقُولةٌ كالسَّجَنْجَلِ{[59824]}
5166- والزَّعْفرَانُ على تَرائِبهَا *** شَرِقٌ بِهِ اللّبَّاتُ والنَّحرُ{[59825]}
وقال المثقب العبديُّ : [ الوافر ]
5167- ومنْ ذَهَبٍ يَلوحُ عَلى تَريبٍ *** كَلوْنِ العَاجِ لَيْسَ لَهُ غُضُونُ{[59826]}
5168- *** أشْرَفَ ثَدْيَاهَا على التَّريبِ{[59827]} ***
وعن ابن عباسٍ وعكرمة : الترائب : ما بين ثدييها{[59828]} .
وقيل : أضلاع الرجل التي أسفل الصلب .
وحكى الزجاجُ : أن الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدر ، وأربعة أضلاع من يسرة الصدر .
وعن ابن عبَّاسٍ : أطراف المرء ، يداه ورجلاه وعيناه{[59829]} ، وهو قول الضحاك .
وقيل : عصارة القلب{[59830]} ، وهو قول معمر بن أبي حبيبة .
قال ابنُ عطية{[59831]} : وفي هذه الأقوال تحكم على اللغة .
وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ : هو الجيد{[59832]} .
وقال مجاهد : ما بين المنكبين والصدر{[59833]} .
وقال القرطبيُّ{[59834]} : والمشهور من كلام العرب أنها عظام الصَّدْر والنَّحْر .
جاء في الحديث : أن الولد يخلقُ من ماء الرجل ، يخرج من صلبه العظم والعصب ، وماء المرأة التي يخرج من ترائبها اللحم والدم{[59835]} .
حكى القرطبيُّ{[59836]} : أنَّ ماء الرجل يخرج من الدِّماغ ، ثم يجتمع{[59837]} في الأنثيين ، وهذا لا يعارض : «مِنْ بَيْنِ الصُّلبِ والتَّرائبِ » ؛ لأنه إن نزل من الدِّماغ ، فإنما يمرُّ بين الصلب والترائب .
قال قتادةُ : المعنى : يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة{[59838]} .
وحكى الفراء : أنَّ مثل هذا يأتي عن العرب ، فيكون معنى ما بين الصلب : من الصلب .
والمعنى من صلب الرجل وترائب المرأة ، ثم إنَّا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن ، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيراً ، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني ، وأيضاً فالمكثر من الجماع يجد وجعاً في صلبه وظهره ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبساً من الماء .
قال المهدويُّ : من جعل المنيَّ يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ، فالضمير في «يخرج » للماء ، ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، فالضمير للإنسان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.