معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

قوله تعالى : { ليكفروا } : ليجحدوا ، وهذه اللام تسمى لام العاقبة ، أي : حاصل أمرهم هو كفرهم . { بما آتيناهم } : أعطيناهم من النعماء وكشف الضراء والبلاء ، { فتمتعوا } أي : عيشوا في الدنيا المدة التي ضربتها لكم ، { فسوف تعلمون } عاقبة أمركم ، هذا وعيد لهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

{ ليَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ } ، أي : أعطيناهم ، حيث نجيناهم من الشدة ، وخلصناهم من المشقة ، { فَتَمَتَّعُوا } في دنياكم قليلا . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة كفركم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

واللام فى قوله { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ.. } يصح أن تكون للتعليل، وأن تكون هى التى تسمى بلام العاقبة أو الصيرورة.

قال الشوكانى: " واللام فى { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ.. } لام كى. أى: لكى يكفروا بما آتيناهم من نعمة كشف الضر، حتى لكأن هذا الكفر منهم الواقع فى موقع الشكر الواجب عليهم، غرض لهم ومقصد من مقاصدهم. وهذا غاية فى العتو والعناد ليس وراءها غاية.

وقيل: اللام للعاقبة: يعنى ما كانت عاقبة تلك التضرعات إلا الكفر.. ".

وقوله - سبحانه -: { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } تهديد ووعيد لهم على جحودهم لنعم الله - تعالى - والجملة الكريمة معمولة لقول محذوف.

أى: قل لهم - أيها الرسول الكريم - اعملوا ما شئتم وانتفعوا من متاع الدنيا كما أردتم فسوف تعلمون سوء عاقبتكم يوم القيامة.

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

51

فينتهوا إلى الكفر بنعمة الله عليهم ، وبالهدى الذي آتاهم . . فلينظروا إذن ما يصيبهم بعد المتاع القصير : ( فتمتعوا فسوف تعلمون ) . .

هذا النموذج الذي يرسمه التعبير هنا ( ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ، ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشكرون ) . . نموذج متكرر في البشرية . ففي الضيق تتوجه القلوب إلى الله ، لأنها تشعر بالفطرة إلا عاصم لها سواه . وفي الفرج تتلهى بالنعمة والمتاع ، فتضعف صلتها بالله ، وتزيغ عنه ألوانا من الزيغ تبدو في الشرك به وتبدو كذلك في صور شتى من تأليه قيم وأوضاع ولو لم تدع باسم الإله ! .

ولقد يشتد انحراف الفطرة وفسادها ، فإذا بعضهم في ساعة العسرة لا يلجأ إلى الله ؛ ولكن يلجأ إلى بعض مخاليقه يدعوها للنصرة والإنقاذ والنجاة ، بحجة أنها ذات جاه أو منزلة عند الله ، أو بغير هذه الحجة في بعض الأحيان ، كالذين يدعون الأولياء لإنقاذهم من مرض أو شدة أو كرب . . فهؤلاء أشد انحرافا من مشركي الجاهلية الذين يرسم لهم القرآن ذلك النموذج الذي رأيناه !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

ثم توعدهم قائلا : { فَتَمَتَّعُوا } أي : اعملوا ما شئتم ، وتمتعوا بما أنتم فيه قليلا . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي : عاقبة ذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

{ ليكفروا بما آتيناهم } من نعمة الكشف عنهم ، كأنهم قصدوا بشركهم كفران النعمة ، أو إنكار كونها من الله تعالى . { فتمتّعوا } أمر تهديد . { فسوف تعلمون } أغلظ وعيده ، وقرئ " فيمتعوا " مبنيا للمفعول عطفا على { ليكفروا } ، وعلى هذا جاز أن تكون اللام لام الأمر الوارد للتهديد ، والفاء للجواب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

لام التعليل متعلّقة بفعل { يشركون } [ سورة النحل : 54 ] الذي هو من جواب قوله تعالى : { إذا كشف الضر عنكم } [ سورة النحل : 54 ] . والكفر هنا كفر النّعمة ، ولذلك علّق به قوله تعالى : { بما آتيناهم } أي من النّعم . وكفر النّعمة ليس هو الباعث على الإشراك فإن إشراكهم سابق على ذلك وقد استصحبوه عقب كشف الضرّ عنهم ، ولكن شبهت مقارنة عودهم إلى الشرك بعد كشف الضرّ عنهم بمقارنة العلّة الباعثة على عملٍ لذلك العمل . ووجه الشبه مبادرتهم لكفر النّعمة دون تريّث .

فاستعير لهذه المقارنة لام التعليل ، وهي استعارة تبعيّة تمليحيّة تهكميّة ومثلها كثير الوقوع في القرآن . وقد سمى كثير من النحاة هذه اللام لام العاقبة ، ومثالها عندهم قوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً } [ سورة القصص : 8 ] ، وقد بيّناها في مواضع آخرُها عند قوله تعالى { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة } في هذه السورة [ النحل : 25 ] وضمير { ليكفروا } عائد إلى { فريق } [ سورة النحل : 54 ] باعتبار دلالته على جمع من الناس .

والإيتاء : الإعطاء . وهو مستعار للإنعام بالحالة النافعة ، لأن شأن الإعطاء أن يكون تمكيناً بالمأخوذ المحبوب .

وعبّر بالموصول { بما آتيناهم } لما تؤذن به الصّلة من كونه نعمة تفظيعاً لكفرانهم بها ، لأن كفران النّعمة قبيح عند جميع العقلاء .

وفرع عليه مخاطبتهم بأمرهم بالتمتّع أمرَ إمهال وقلّة اكتراث بهم وهو في معنى التخلية .

والتمتّع : الانتفاع بالمتاع . والمتاع الشيء الذي ينتفع به انتفاعاً محبوباً ويسرّ به . ويقال : تمتّع بكذا واستمتع . وتقدّم المتاع في آخر سورة براءة .

والخطاب للفريق الذين يشركون بربّهم على طريقة الالتفات . والأظهر أنه مقول لقولٍ محذوف . لأنه جاء مفرعاً على كلام خوطب به الناس كلّهم كما تقدم ، فيكون المفرع من تمام ما تفرّع عليه . وذلك ينافي الالتفات الذي يقتضي أن يكون مرجع الضمير إلى مرجع ما قبله .

والمعنى : فنقول تمتّعوا بالنّعم التي أنتم فيها إلى أمدٍ .

وفرع عليه التهديدُ بأنهم سيعلمون عاقبة كفران النّعمة بعد زوال التمتّع . وحذف مفعول { تعلمون } لظهوره من قوله تعالى : { ليكفروا بما آتيناهم } أي تعلمون جزاء كفركم .