البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

وإن كانت للصيرورة فالمعنى : صار أمرهم ليكفروا وهم لم يقصدوا بأفعالهم تلك أن يكفروا ، بل آل أمر ذلك الجؤار والرغبة إلى الكفر بما أنعم عليهم ، أو إلى الكفر الذي هو جحوده والشرك به .

وإن كانت للأمر فمعناه التهديد والوعيد .

وقال الزمخشري : ليكفروا فتمتعوا ، يجوز أن يكون من الأمر الوارد في معنى الخذلان والتخلية ، واللام لام الأمر انتهى .

ولم يخل كلامه من ألفاظ المعتزلة ، وهي قوله : في معنى الخذلان والتخلية .

وقرأ أبو العالية : فيمتعوا بالياء باثنتين من تحتها مضمومة مبنياً للمفعول ، ساكن الميم وهو مضارع متع مخففاً ، وهو معطوف على ليكفروا ، وحذفت النون إما للنصب عطفاً إنْ كان يكفروا منصوباً ، وإما للجزم إن كان مجزوماً أن كان عطفاً ، وأن للنصب إن كان جواب الأمر .

وعنه : فسوف يعلمون بالياء على الغيبة ، وقد رواهما مكحول الشامي عن أبي رافع مولى النبي عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والتمتع هنا هو بالحياة الدنيا ومآلها إلى الزوال .