تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (55)

الآية 55 : وقوله تعالى : { ليكفروا بما آتيناهم } هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يجعلوا ما آتاهم الله ، وأنعم عليهم ، سبب كفرهم بالله .

الثاني : يكفرون بنعمة الله تعالى بعبادتهم الأصنام وصرفهم الشكر عنه .

ويشبه أن يكون إخباره عن سفههم من وجه آخر ؛ هو أنهم لا يروا في البشر أحدا يطاع ويخضع إليه {[10207]} إلا أحد الرجلين : دفع البلاء عنه أو جار نفعا {[10208]} إليه . فالأصنام التي عبدوها ليس منها دفع بلاء ولا جر منفعة . فلماذا يعبدون ؟ وقال أبو بكر : { ليكفروا بما آتيناهم } أي بالقرآن .

وقوله تعالى : { فتمتعوا فسوف تعلموا } هذا وعيد من الله . ثم يقول : { فسوف تعلمون } ما ينزل بكم بكفران{[10209]} نعمه ، وصرف الشكر عنه ، أنه مهلككم ومنزل بكم العذاب .

وفي قوله : { وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون } أي : تتضرعون ، موعظة للمؤمنين أيضا ؛ لأنهم يجعلون تضرعهم {[10210]} إلى الله إذا أصابهم الضر والبلاء ، وإذا انكشف ذلك عنهم تركوا ذلك التضرع ، أي تعلمون أن ما { بكم من نعمة فمن الله } ، فكيف تصرفون شكرها إلى غيره في الحال .


[10207]:ساقطة من الأصل وم.
[10208]:في الأصل وم: نفع.
[10209]:في الأصل وم: من كفران.
[10210]:في الأصل وم: يتضرعون.