معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

قوله تعالى : { وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى } وهو جبيب النجار ، وقال السدي : كان قصاراً . وقال وهب : كان رجلاً يعمل الحرير ، وكان سقيماً قد أسرع فيه الجذام ، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة ، وكان مؤمناً ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين ، فيطعم نصفاً لعياله ويتصدق بنصف ، فلما بلغه أن قومه قد قصدوا قتل الرسل جاءهم . { قال يا قوم اتبعوا المرسلين* }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

وقوله : وَجاءَ مِنْ أقْصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى يقول : وجاء من أقصى مدينة هؤلاء القوم الذين أرسلت إليهم هذه الرسل رجل يسعى إليهم وذلك أن أهل المدينة هذه عزموا ، واجتمعت آراؤهم على قتل هؤلاء الرسل الثلاثة فيما ذُكِر ، فبلغ ذلك هذا الرجل ، وكان منزله أقصَى المدينة ، وكان مؤمنا ، وكان اسمه فيما ذُكر «حبيب بن مري » . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار . ذكر الأخبار الواردة بذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مُجَلّز ، قال : كان صاحب يس «حبيب بن مري » .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : كان من حديث صاحب يس فيما حدثنا محمد بن إسحاق فيما بلغه ، عن ابن عباس ، وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه اليمانيّ أنه كان رجلاً من أهل أنطاكية ، وكان اسمه «حبيبا » ، وكان يعمل الجَرير ، وكان رجلاً سقيما ، قد أسرع فيه الجُذام ، وكان منزله عند باب من أبوب المدينة قاصيا ، وكان مؤمنا ذا صدقة ، يجمع كسبه إذا أمسى فيما يذكرون ، فيقسمه نصفين ، فيطعم نصفا عياله ، ويتصدّق بنصف ، فلم يُهِمّه سقمه ولا عمله ولا ضعفه ، عن عمل ربه ، قال : فلما أجمع قومه على قتل الرسل ، بلغ ذلك حبيبا وهو على باب المدينة الأقصى ، فجاء يسعى إليهم يذكرهم بالله ، ويدعوهم إلى اتباع المرسلين ، فقال : يا قَوْمِ اتّبِعُوا المُرْسَلِينَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن عمرو بن حزم أنه حُدّث عن كعب الأحبار قال : ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم أخو بني مازن بن النجار الذي كان مسيلمة الكذّاب قطعه باليمامة حين جعل يسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ فيقول : نعم ، ثم يقول : أتشهد أني رسول الله ؟ فيقول له : لا أسمع ، فيقول مسيلمة : أتسمع هذا ، ولا تسمع هذا ؟ فيقول : نعم ، فجعل يقطعه عُضْوا عضوا ، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه . قال كعب حين قيل له اسمه حبيب : وكان والله صاحب يس اسمه حبيب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مِقْسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول : كان اسم صاحب يس حبيبا ، وكان الجُذام قد أسرع فيه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَجاءَ مِنْ أقْصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قال : ذُكر لنا أن اسمه حبيب ، وكان في غار يعبد ربه ، فلما سمع بهم أقبل إليهم .

وقوله : قالَ يا قَوْمِ اتّبِعُوا المُرْسَلِينَ يقول تعالى ذكره : قال الرجل الذي جاء من أقصى المدينة لقومه : يا قوم اتبعوا المرسلين الذين أرسلهم الله إليكم ، واقبلوا منهم ما أتوكم به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

وأخبر تعالى ذكره عن حال رجل { جاء من أقصى المدينة } سمع من المرسلين وفهم عن الله تعالى فجاء يسعى على قدميه وسمع قولهم فلما فهمه روي أنه تعقب أمرهم وسبره{[9785]} بأن قال لهم : أتطلبون على دعوتكم هذه أجراً ؟ قالوا : لا ، فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم و «الإيمان بهم » إذ هو الحق .


[9785]:أي: اختبره، يقال: سبرت فلانا بمعنى: اختبرته لأعرف ما عنده.