معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

{ كبر مقتاً عند الله أن تقولوا } قوله :{ أن تقولوا } في موضع الرفع فهو كقولك بئس رجلاً أخوك ، ومعنى الآية : أي عظم ذلك في المقت والبغض عند الله ، أي : إن الله يبغض بغضاً شديداً أن تقولوا { ما لا تفعلون } يعني تعدوا من أنفسكم شيئاً ثم لم توفوا به .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

وقوله - سبحانه - : { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } بيان للآثار السيئة التى تترتب على القول الذى يخالفه الفعل .

وقوله : { كَبُرَ } بمعنى عظم ، لأن الشىء الكبير ، لا يوصف بهذا الوصف ، إلا إذا كان فيه كثرة وشدة فى نوعه .

والمقت : البغض الشديد ، ومنه قوله - تعالى - { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى }{ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً } وهو منصوب على التمييز المحول عن الفاعل : للإشعار بأن قولهم هذا مقت خالص لا تشوبه شائبة من الرضا .

أي : كبر وعظم المقت الناشىء عن قولكم قولا لا تطابقه أفعالكم .

وقال - سبحانه - : { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله } للإشعار بشناعة هذا البغض من الله - تعالى - لهم ، بسبب مخالفة قولهم لفعلهم ، لأنه إذا كانت هذه الصفة عظيمة الشناعة عند الله ، فعلى كل عاقل أن يجتنبها ، ويبتعد عنها .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه ، ونداؤهم بالإيمان تهكم بهم وبإيمانهم وهذا من أفصح الكلام وأبلغه فى معناه . وقصد فى " كَبُرَ " التعجب من غير لفظه . . . . ومعنى التعجب : تعظيم الأمر فى قلوب السامعين ، لأن التعجب لا يكون إلا من شىء خارج عن نظائره وأشكاله ، وأُسْنِد إلى { أَن تَقُولُواْ } ونُصِب { مَقْتاً } على التمييز ، للدلالة على أن قولهم مالا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه ، لفَرْط تمكن المقت منه . واختير لفظ المقت ، لأنه أشد البغض وأبلغه ، ومنه قيل : نكاح المقت - وهو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه - .

وإذا ثبت كِبر مقته عند الله ، فقد تم كبره وشدته ، وانزاحت عنه الشكوك . .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد ذم الذين يقولون مالا يفعلون ذما شديدا ، ويندرج تحت هذا الذم ، الكذب فى القول ، والخلف فى الوعد ، وحب الشخص للثناء دون أن يكون قد قدم عملا يستحق من أجله الثناء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

وجملة { كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } بيان لجملة { لم تقولون ما لا تفعلون } تصريحاً بالمعنى المكنَّى عنه بها .

وهو خبر عن كون قولهم : { ما لا تفعلون } أمراً كبيراً في جنس المقت .

والكِبَر : مستعار للشدة لأن الكبير فيه كثرة وشدة في نوعه .

و { أن تقولوا } فاعل { كبر } .

والمقت : البغض الشديد . وهو هنا بمعنى اسم المفعول .

وانتصب { مقتاً } على التمييز لِجهة الكبر . وهو تمييز نسبة .

والتقدير : كبر ممقوتاً قَولُكم ما لا تفعلونه .

ونُظِم هذا الكلام بطريقة الإِجمال ثم التفصيل بالتمييز لتهويل هذا الأمر في قلوب السامعين لكون الكثير منهم بمِظنة التهاون في الحيطة منه حتى وقعوا فيما وقعوا يوم أُحد . ففيه وعيد على تجدد مثله ، وزيد المقصود اهتماماً بأن وصف المقت بأنه عند الله ، أي مقتٌ لا تسامح فيه .

وعدل عن جعل فاعل { كبر } ضمير القول بأن يقتصر على { كبر مقتاً عند الله } أو يقال : كبر ذلك مقتاً ، لقصد زيادة التهويل بإعادة لفظه ، ولإِفادة التأكيد .

و { مَا } في قوله : { ما لا تفعلون } في الموضعين موصولة ، وهي بمعنى لام العهد ، أي الفعل الذي وَعدتم أن تفعلوه وهو أحبّ الأعمال إلى الله أو الجهادُ . 4 فاقتضت الآية أن الوعد في مثل هذا يجب الوفاء به لأن الموعود به طاعة فالوعد به من قبيل النذر المقصودِ منه القُربة فيجب الوفاء به .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

: {كبر مقتا} يعني عظم بغضا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 2]

قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} يقول تعالى ذكره:"يا أيها الذين آمنوا "صدّقوا الله ورسوله، لم تقولون القول الذي لا تصدّقونه بالعمل، فأعمالكم مخالفة أقوالكم.

{كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّهِ أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ} يقول: عظم مقتا عند ربكم قولكم ما لا تفعلون.

واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أُنْزلت هذه الآية؛

فقال بعضهم: أُنزلت توبيخا من الله لقوم من المؤمنين، تمنوا معرفة أفضل الأعمال، فعرّفهم الله إياه، فلما عرفوا قصروا، فعوتبوا بهذه الآية...

حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يُفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله دلنا على أحبّ الأعمال إليه، فنعمل به، فأخبر الله نبيه أن أحبّ الأعمال إليه إيمان بالله لا شكّ فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به فلما نزل الجهاد، كره ذلك أُناس من المؤمنين، وشقّ عليهم أمره، فقال الله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ}...

وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في توبيخ قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير التي لم يفعلها، فيقول فعلت كذا وكذا، فعذلهم الله على افتخارهم بما لم يفعلوا كذبا...

وقال آخرون: بل هذا توبيخ من الله لقوم من المنافقين، كانوا يَعِدُونَ المؤمنين النصر وهم كاذبون...

وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عنى بها الذين قالوا: لو عرفنا أحبّ الأعمال إلى الله لعملنا به، ثم قصروا في العمل بعدما عرفوا.

وإنما قلنا: هذا القول أولى بها، لأن الله جلّ ثناؤه خاطب بها المؤمنين، فقال: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا} ولو كانت نزلت في المنافقين لم يسموْا، ولم يوصفوا بالإيمان، ولو كانوا وصفوا أنفسهم بفعل ما لم يكونوا فعلوه، كانوا قد تعمدوا قيل الكذب، ولم يكن ذلك صفة القوم، ولكنهم عندي أمّلوا بقولهم: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى الله عملناه أنهم لو علموا بذلك عملوه فلما علموا ضعفت قوى قوم منهم، عن القيام بما أملوا القيام به قبل العلم، وقوي آخرون فقاموا به، وكان لهم الفضل والشرف.

واختلفت أهل العربية في معنى ذلك، وفي وجه نصب قوله: كَبُرَ مَقْتا فقال بعض نحويي البصرة: قال: كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّهِ: أي كبر مقتكم مقتا، ثم قال: {أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ}: أذى قولكم. وقال بعض نحويي الكوفة: قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ}: كان المسلمون يقولون: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى الله لأتيناه، ولو ذهبت فيه أنفسنا وأموالنا فلما كان يوم أُحد، نزلوا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى شُجّ، وكُسرت رباعيته، فقال: {لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ}، ثم قال: {كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّهِ} كبر ذلك مقتا... قوله "مَقْتا" منصوب على التفسير، كقول القائل: كبر قولاً هذا القول.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

والمقت والمقاتة مصدر واحد، يقال: رجل ممقوت ومقيت إذا لم تحبّه الناس.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

... المقت: البغض، وهو ضد الحب.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

يقال: لم يتوعَّد -سبحانه- زَلَّة بِمثْلِ ما على هذا حين قال: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ}.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

المعنى: أن الله تعالى يبغض من يقول شيئا ولا يفعل.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

قصد في {كَبُرَ} التعجب...

ومعنى التعجب: تعظيم الأمر في قلوب السامعين؛ لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله، وأسند إلى أن تقولوا. ونصب {مَقْتاً} على تفسيره، دلالة على أنّ قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه، لفرط تمكن المقت منه؛ واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض وأبلغه. ومنه قيل: نكاح المقت، للعقد على الرابة، ولم يقتصر على أن جعل البغض كبيراً، حتى جعل أشده وأفحشه. و {عَندَ الله} أبلغ من ذلك، لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تم كبره وشدته وانزاحت عنه الشكوك. وعن بعض السلف أنه قيل له: حدّثنا، فسكت ثم قيل له حدثنا؛ فقال: تأمرونني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مقت الله.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و «المقت»: البغض من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة يصنعها الممقوت، وقول المرء ما لا يفعل موجب مقت الله تعالى، ولذلك فر كثير من العلماء عن الوعظ والتذكير وآثروا السكوت.

الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي 875 هـ :

وقول المرءِ مَا لا يفعلُ مُوجِبٌ مَقْتَ اللَّهِ تعالى، ولذلك فرَّ كثيرٌ من العلماءِ عَنِ الوَعْظِ والتذكيرِ وآثرُوا السكوتَ، وهَذا بحسَبِ فِقْهِ الحالِ؛ إنْ وَجَدَ الإنْسانُ مَنْ يكفِيه هذه المَؤُنَةَ في وقتهِ، فَقَدْ يَسَعُه السكوتُ وإلا فَلاَ يسعُه، قال الباجي في «سنن الصالحين» له: قال الأصمعي: بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الحكماءِ كَانَ يقول: إني لأَعظكُم وإنّي لَكَثيرُ الذنوبِ، وَلَوْ أن أحَداً لاَ يَعِظُ أخاه حَتَّى يُحْكِمَ أَمْرَ نَفْسِهِ لتُرِكَ الأَمْرُ بالخيرِ، واقْتُصِرَ عَلى الشَّرِّ، ولكنَّ محادثةَ الإخوانِ حياةُ القلوبِ وجَلاَء النُّفُوسِ وتَذْكِيرٌ مِنَ النسيانِ، وقال أبو حازم: إني لأعظ الناسَ وما أنا بموضعٍ للوَعْظِ، ولكنْ أريدُ به نَفْسِي...

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

{كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} لأن الكذب ينافي المروءة التي هي من مبادئ الإيمان فضلا عن كماله إذ الإيمان الأصلي هو الرجوع إلى الفطرة الأولى، والدين القيم وهي تستلزم أجناس الفضائل بجميع أنواعها، التي أقل درجاتها العفة المقتضية للمروءة والكاذب لا مروءة له، فلا إيمان له حقيقة...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} بيان لجملة {لم تقولون ما لا تفعلون} تصريحاً بالمعنى المكنَّى عنه بها. وهو خبر عن كون قولهم: {ما لا تفعلون} أمراً كبيراً في جنس المقت. والكِبَر: مستعار للشدة لأن الكبير فيه كثرة وشدة في نوعه.وانتصب {مقتاً} على التمييز لِجهة الكبر. وهو تمييز نسبة. والتقدير: كبر ممقوتاً قَولُكم ما لا تفعلونه. ونُظِم هذا الكلام بطريقة الإِجمال ثم التفصيل بالتمييز لتهويل هذا الأمر في قلوب السامعين لكون الكثير منهم بمِظنة التهاون في الحيطة منه حتى وقعوا فيما وقعوا يوم أُحد. ففيه وعيد على تجدد مثله، وزيد المقصود اهتماماً بأن وصف المقت بأنه عند الله، أي مقتٌ لا تسامح فيه. وعدل عن جعل فاعل {كبر} ضمير القول بأن يقتصر على {كبر مقتاً عند الله} أو يقال: كبر ذلك مقتاً، لقصد زيادة التهويل بإعادة لفظه، ولإِفادة التأكيد. و {مَا} في قوله: {ما لا تفعلون} في الموضعين موصولة، وهي بمعنى لام العهد، أي الفعل الذي وَعدتم أن تفعلوه وهو أحبّ الأعمال إلى الله أو الجهادُ. فاقتضت الآية أن الوعد في مثل هذا يجب الوفاء به لأن الموعود به طاعة فالوعد به من قبيل النذر المقصودِ منه القُربة فيجب الوفاء به.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} وذلك هو غاية الفظاعة في ما يمكن أن يوجه إلى المؤمن عندما يتطلع إلى نفسه وإلى موقعه من ربه، فيرى نفسه ممقوتاً منه أشدّ المقت، ومبغوضاً أشدّ البغض، بينما يفرض عليه إيمانه أن ينال المحبة من الله، للحصول على رحمته التي هي أساس خلاصه وسعادته في الدنيا والآخرة... أما في النطاق الاجتماعي، فإنه يمنع قيام أية ثقةٍ اجتماعيةٍ بين الناس في ما يتحركون به على مستوى العلاقات والمعاملات على أساس ما يعلنونه من التزامات الإيمان، عندما تكون الأخلاق العامة في هذا المستوى السلبي من الوفاء بالالتزامات الخاصة والعامة، أو ما يثيرونه من الالتزامات الخاصة فيما بينهم. وأما في نطاق الدولة، فإنه يمنع القيادة من الشعور بالقوة أمام المشاكل الصعبة والتحديات الكبيرة التي تواجهها في مسألة الأمن والنظام، ما يؤدي إلى اختلال النظام العام للأمة بالمستوى الذي يعرِّضها للضعف ويدفعها في نهاية المطاف إلى السقوط والانهيار... وعلى ضوء ذلك، فإنّ هذه القيمة الأخلاقية وهي التطابق بين القول والفعل تمثل العمق الإيماني الذاتي على مستوى الفرد، والقيمة الاجتماعية على مستوى تماسك المجتمع في علاقاته العامة والخاصة، والأساس القوي لقوة الدولة في التزام الأمة بالقيادة في مسؤولياتها العامة. وإذا كانت الرواية السابقة قد ذكرت نزول الآيتين في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الجهاد، فإن ذلك يمثل النموذج الحي الذي يعطي الخط العريض لكل النماذج الأخرى في كل أحكام الإسلام وشرائعه...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إنّ من السمات الأساسية للمؤمن الصادق هو الانسجام التامّ بين أقواله وأعماله وكلّما ابتعد الإنسان عن هذا الأصل، فإنّه يبتعد عن حقيقة الإيمان. «المقت» في الأصل: البغض الشديد لمن ارتكب عملا قبيحاً، وكان عرب الجاهلية يطلقون عبارة نكاح المقت لمن يتزوّج زوجة أبيه. وفي الجملة السابقة نلاحظ اقتران مصطلح «المقت» مع «الكبر»، والذي هو دليل أيضاً على الشدّة والعظمة، كما هو دليل على الغضب الإلهي الشديد على من يطلقون أقوالا ولا يقرنونها بالأعمال ....

...فمفهوم الآية يشمل كلّ تخلّف عن عمد، سواء تعلّق بنقض العهود والوعود أو غير ذلك من الشؤون، حتّى أنّ البعض قال: إنّها تشمل حتّى النذور. ونقرأ في رسالة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر أنّه قال: «إيّاك.. أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك.. والخلف يوجب المقت عند الله والناس، قال الله تعالى: (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)».