ثم هددهم - سبحانه - تهديدا ترتعد له القلوب فقال : { يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى إِنَّا مُنتَقِمُونَ } .
وقوله { يَوْمَ } منصوب بفعل مقدر . وقوله { نَبْطِشُ } من البطش بمعنى الأخذ بقوة وعنف . يقال : بطش فلان بفلان يبطش به ، إذا نكل به تنكيلا شديدا .
أى : اذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ يوم أن نأخذ هؤلاء الكافرين أخذ عزيز مقتدر ، حيث ننتقم انتقاما يذلهم ويخزيهم .
وهذا البطش الشديد منا لهم سيكون جزاء منه فى الدنيا ، كانتقامنا منهم يوم بدر وسيكون أشده وأعظمه وأدومه عليهم .
وبذلك نرى السورة الكريمة بعد ان مدحت القرآن الكريم مدحا عظيما ، وبينت جانبا من مظاهر فضل الله - تعالى - على عباده ، أخذت فى تسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما أصابه من أعدائه ، وهددت هؤلاء الأعداء بسوء المصير فى الدنيا ، وفى الآخرة .
هذا هو الانتقام الذي وُعد به الرسول صلى الله عليه وسلم وتُوعِّد به أيمة الكفر . والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله : { إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون } [ الدخان : 15 ] فإن السامع يُثار في نفسه سؤال عن جزائهم حيث يعودون إلى التولي والطعْن فأجيب بأن الانتقام منهم هو البطشة الكبرى ، وهي الانتقام التامّ ، ولأجل هذا التطلع والتساؤل أكدَا بخبر بحرف التأكيد دفعاً للتردد .
وأصل تركيب الجملة : إنا منتقمون يوم نبطش البطشة الكبرى ، ف { يوم } منصوب على المفعول فيه لاسم الفاعل وهو { منتقمون } .
وتقدم على عامله للاهتمام به لِتهويله ولا يمنع من هذا التعليق أن العامل في الظرف خبر عن ( إنَّ ) بناء على الشائع من كلام النحاة أن ما بعد ( إنَّ ) لا يعمل فيما قبلها فإن الظروف ونحوها يتوسع فيها .
و { البطشة الكبرى } : هي بطشة يوم بدر فإن ما أصاب صناديد المشركين يومئذٍ كان بطشة بالشرك وأهلِه لأنهم فقدوا سادتهم وذوي الرأي منهم الذين كانوا يسيّرون أهل مكة كما يريدون .
والبطشة : واحدة البطش وهو : الأخذ الشديد بعنف ، وتقدم في قوله تعالى : { أم لهم أيد يبطشون بها } في سورة الأعراف ( 195 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.