ثم أكد - سبحانه - هذا المعنى تأكيدا قويا فقال : { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين } أى : ثم لترون الجحيم رؤية هى ذات اليقين ونفسه وعينه ، وذلك لأن تشاهدوها مشاهدة حقيقية ، بحيث لا يلتبس عليكم أمرها .
وقد قالوا : إن مراتب العلم ثلاثة : علم اليقين وهو ما كان ناتجا عن الأدلة والبراهين .
وعين اليقين : وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف .
وحق اليقين : وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة .
ومثال ذلك أن تعلم بالأدلة أن الكعبة موجودة ، فذلك علم اليقين ، فإذا رأيتها بعينيك فذلك عين اليقين ، فإذا ما دخلت فى جوفها فذلك حق اليقين .
فأنت ترى أنه - سبحانه - قد حذر الناس من الاشتغال عن طاعته ، ومن التباهى والتكاثر ، بأبلغ أساليب التأكيد وأقواها .
و{ عينَ اليقين } : اليقين الذي لا يشوبه تردد . فلفظ عين مجاز عن حقيقة الشيء الخالصة غير الناقصة ولا المشابهة .
وإضافة { عين } إلى { اليقين } بيانية كإضافة { حق } إلى { اليقين } في قوله تعالى : { إن هذا لهو حق اليقين } [ الواقعة : 95 ] .
وانتصب { عين } على النيابة عن المفعول المطلق لأنه في المعنى صفة لمصدر محذوف ، والتقدير . ثم لترونها رؤيةَ عين اليقين .
وقرأه الجمهور : { لترون الجحيم } بفتح المثناة الفوقية ، وقرأه ابن عامر والكسائي بضم المثناة من ( أراه ) .
وأمَّا { لترونها } فلم يختلف القراء في قراءته بفتح المثناة .
وأشار في « الكشاف » إلى أن هذه الآيات المفتتحة بقوله : { كلا سوف تعلمون } [ التكاثر : 3 ] والمنتهية بقوله : { عين اليقين } ، اشتملت على وجوه من تقوية الإِنذار والزجر ، فافتتحت بحرف الردع والتنبيه ، وجيء بعده بحرف { ثم } الدال على أن الإِنذار الثاني أبلغ من الأول . وكرر حرف الردع والتنبيه ، وحُذف جواب { لو تعلمون } [ التكاثر : 5 ] لما في حذفه من مبالغة التهويل ، وأُتي بلام القسم لتوكيد الوعيد . وأكد هذا القسم بقسم آخر ، فهذه ستة وجوه .
وأقول زيادة على ذلك : إن في قوله : { عين اليقين } تأكيدين للرؤية بأنها يقين وأن اليقين حقيقة . والقول في إضافة { عين اليقين } كالقول في إضافة { علم اليقين } [ التكاثر : 5 ] المذكور آنفاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.