معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

قوله تعالى : { وإن كانوا } وقد كانوا ، { من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين } أي آيسين ، وقيل : وإن كانوا ، أي : وما كانوا إلا مبلسين ، وأعاد قوله : من قبله تأكيداً . وقيل : الأولى ترجع إلى إنزال المطر ، والثانية إلى إنشاء السحاب . وفي حرف عبد الله بن مسعود : ( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين ) غير مكرر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

ثم بين - سبحانه - حالهم قبل نزول تلك الأمطار عليهم فقال : { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } .

وإن مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، والضمير فى { يُنَزَّلَ } يعود للمطر ، وفى قوله { مِّن قَبْلِهِ } يعود لنزول المطر - أيضاً - على سبيل التأكيد ، وقوله : { لَمُبْلِسِينَ } خبر كان . والإِبلاس : اليأس من الخير ، والسكوت ، والانكسار غما وحزنا . يقال : أبلس الرجل ، إذا سكت على سبيل اليأس والذل والانكسار .

أى : هم عند نزول الأمطار يستبشرون ويفرحون ، ولو رأيت حالهم قبل نزول الأمطار لرأيتهم فى غاية الحيرة والقنوط والإِبلاس ، لشدة حاجتهم إلى الغيث الذى طال انتظارهم له وتطلعهم إليه دون أن ينزل .

قال صاحب الكشاف : وقوله { مِّن قَبْلِهِ } من باب التكرير والتوكيد ، كقوله - تعالى - : { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النار خَالِدِينَ فِيهَا } " ومعنى التوكيد فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد ، فاستحكم يأسهم ، وتمادى إبلاسهم ، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

وقوله تعالى : { من قبله } تأكيد أفاد سرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار وذلك أن قوله { من قبل أن ينزل عليهم } يحتمل الفسحة في الزمان أي من قبل بكثير كالأيام ونحوه فجاء قوله { من قبله } بمعنى أن ذلك متصل بالمطر فهو تأكيد مفيد{[9331]} ، وقرأ يعقوب وعيسى وأبو عمرو بخلاف عنه «ينزل » مخففة ، وقرأت عامة القراء بالتثقيل في الزاي ، وقرأ ابن مسعود عليهم «لمبلسين » بسقوط { من قبله } والإبلاس الكون في حال سوء مع اليأس من زوالها .


[9331]:وقال قطرب: إن [قبل] الأولى للإنزال والثانية للمطر، أي: وإن كانوا من قبل التنزيل من قبل المطر، وقيل: المعنى: من قبل تنزيل الغيث عليهم من قبل الزرع، ودل على الزرع والمطر إذ بسببه يكون، ودل عليه أيضا: {فرأوه مصفرا} وقيل: المعنى: من قبل السحاب من قبل رؤيته. ولكن أكثر النحويين يرون الرأي الذي ذكره المؤلف.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡهِم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمُبۡلِسِينَ} (49)

و{ إنْ } في قوله { وإن كانوا } مخفَّفة مهملة عن العمل ، واللام في قوله { لَمُبْلِسِين } اللام الفارقة بين { إنْ } المخففة و { إنْ } الشرطية .

والإبلاس : يأس مع انكسار . وقوله { مِنْ قَبْلِه } تكرير لقوله { من قبلِ أن ينزّل عليهم } [ الروم : 49 ] لتوكيد معنى قبلية نزول المطر وتقريره في نفوس السامعين . قال ابن عطية : أفاد التأكيد الإعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار اهـ . يعني أن إعادة قوله { مِنْ قَبْله } زيادة تنبيه على الحالة التي كانت من قبل نزول المطر . وقال في « الكشاف » : « فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم » اه . يعني أن فائدة إعادة { من قبله } أن مدة ما قبل نزول المطر مدة طويلة فأشير إلى قوتها بالتوكيد .

وضمير { قبله } عائد إلى المصدر المأخوذ من { أن ينزل عليهم } أي تنزيله .