معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

{ والناشطات نشطاً } هي الملائكة تنشط نفس المؤمن ، أي تحل حلاً رفيقاً فتقبضها ، كما ينشط العقال من يد البعير ، أي يحل برفق ، حكى الفراء هذا القول ، ثم قال : والذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنشطت العقال ، إذا حللته ، ونشطته : إذا عقدته بأنشوطة . وفي الحديث : " كأنما أنشط من عقال " . وعن ابن عباس : هي نفس المؤمن تنشط للخروج عند الموت ، لما ترمى من الكرامة لأنه تعرض عليه الجنة قبل أن يموت . وقال علي بن أبي طالب : هي الملائكة تنشط أرواح الكفار مما بين الجلد والأظافر حتى تخرجها من أفواههم بالكرب والغم ، والنشط : الجذب والنزع ، يقال : نشطت الدلو نشطاً إذا نزعتها قال الخليل : النشط والإنشاط مدك الشيء إلى نفسك ، حتى ينحل . وقال مجاهد : هو الموت ينشط النفوس . وقال السدي : هي النفس تنشط من القدمين أي تجذب . وقال قتادة : هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق ، أي تذهب ، يقال : نشط من بلد إلى بلد ، إذا خرج في سرعة ، ويقال : حمار ناشط ، ينشط من بلد إلى بلد ، وقال عطاء وعكرمة : هي الإزهاق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

وقوله : { والناشطات نَشْطاً } : المقصود به طائفة أخرى من الملائكة . والناشطات من النَّشْط ، وهو السرعة فى العمل ، والخفة فى أخذ الشئ ، ومنه الأنشوطة ، للعقدة التى يسهل حلها ، ويقال : نَشَطتُ الدول من البئر - من باب ضرب - إذا نزعتها بسرعة وخفة .

أى : وحق الملائكة الذين ينشطون ويسرعون إسراعا شديدا لقبض أرواح المؤمنين بخفة وسهولة ويقولون لهم - على سبيل البشارة والتكريم - : { ياأيتها النفس المطمئنة . ارجعي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

و اختلف المتأولون في { الناشطات } ، فقال ابن عباس ومجاهد : هي الملائكة لأنها تنشط النفوس عند الموت ، أي تحلها كحل العقال وتنشط بأمر الله أي حيث كان ، وقال مجاهد : { النشاطات } : المنايا ، وقال ابن عباس أيضاً وقتادة والأخفش والحسن : { الناشطات } النجوم لأنها تنشط من أفق إلى أفق ، أي تذهب وتسير بسرعة ، ومن ذلك قيل البقر الوحش النواشط لأنهن يذهبن بسرعة من موضع إلى آخر ، وقال عطاء : { الناشطات } في الآية : البقرة الوحشية وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطر إلى قطر ، ومن هذا المعنى قول الشاعر [ همان بن قحافة ] : [ الرجز ]

أرى همومي تنشط المناشطا*** الشام بي طوراً وطوراً واسطا{[11596]}

وكأن هذه اللفظة في هذا التأويل مأخوذة من النشاط ، وقال عطاء أيضاً وعكرمة : { الناشطات } الأوهاق{[11597]} . ويقال : نشطت البعير والإنسان إذا ربطته ونشطته : إذا حللته ، وحكاه الفراء وخولف فيه ومنه الحديث «كأنما أنشط من عقال »{[11598]} ، وقال ابن عباس أيضاً : { الناشطات } النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج .


[11596]:البيت لهيمان بن قحافة، وهو في اللسان شاهد على أن الهموم تنشط بصاحبها. وواسط تطلق على مدن ومواضع كثيرة، ولكن أشهرها وأقربها إلى الذكر مدينة بين البصرة والكوفة، وسميت بذلك لتوسطها تماما بين المدينتين.
[11597]:الأوهاق: جمع وهق –بفتح الهاء وقد تسكن – والوهق: الحبل تشد به الإبل والخيل لئلا تفر، ويقال: لا بد في طرفه من أنشوطة.
[11598]:أخرجه أبو داود في البيوع والطب. وهو عن الذي أصابه السحر يبرأ منه. ومعنى "أنشط" فيه" حل، والمألوف أن الجمل إذا حل عقاله نهض بسرعة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

و { الناشطات } : يجوز أن تكون الموصوفات بالنشاط ، وهو قوة الانطلاق للعمل كالسير السريع ، وينطلق النشاط على سير الثور الوحشي وسير البعير لقوة ذلك ، فيكون الموصوف إما الكواكب السيارة على وجه التشبيه لدوام تنقلها في دوائرها وإما إبل الغزو ، وإما الملائكة التي تسرع إلى تنفيذ ما أمر الله به من أمر التكوين وكلاهما على وجه الحقيقة ، وأيَّاً مَا كان فعطفها على { النازعات } عطف نوع على نوع أو عطَف صنف على صنف .

و { نشطاً } مصدر جاء على مصدر فَعَلَ المتعدي من باب نَصَر فتعين أن { الناشطات } فاعلات النشط فهو متعد .

وقد يكون مفضياً لإرادة النشاط الحقيقي لا المجازي . ويجوز أن يكون التأكيد لتحقيق الوصف لا لرفع احتمال المجاز .

وعن ابن عباس : { الناشطات } الملائكة تَنشِيط نفوسَ المؤمنين ، وعنه هي نفوس المؤمنين تنشط للخروج .