الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد ، وبالطوائف التي تنشطها أي تخريجها ، من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها ، وبالطوائف التي تسبح في مضيها ، أي : تسرع فتسبق إلى ما أمروا به ، فتدبر أمراً من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم .

{ غَرْقاً } إغراقاً في النزع ، أي : تنزعها من أقاصى الأجساد من أناملها وأظفارها أو أقسم بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها ؛ لأنها عراب . والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك : «ثور ناشط » إذا خرج من بلد إلى بلد ، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر الغلبة والظفر ، وإسناد التدبير إليها ، لأنها من أسبابه . أو أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب . وإغراقها في النزع : أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب ، والتي تخرج من برج إلى برج ، والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمراً من علم الحساب . وقيل النازعات أيدي الغزاة ، أو أنفسهم تنزع القسيّ بإغراق السهام ، والتي تنشط الأوهاق والمقسم عليه محذوف ، وهو «لتبعثن » لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة .