اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

قوله تعالى : { والناشطات نَشْطاً } .

اعلم أن «نَشْطاً ، وسَبْحاً ، وسَبْقاً » كلها مصادر .

والنَّشْطُ : الرَّبْطُ ، والإنشاطُ : الحل ، يقال : نَشَطَ البعير : رَبطهُ ، وأنشطهُ : حله .

ومنه : «كأنَّما أنشط من عقال » ، فالهمزة للسَّلب ، ونشط : ذهب بسرعةٍ ، ومنه قيل لبقر الوحش : النواشط ؛ وقال هميانُ بنُ قحافةَ : [ الرجز ]

5086- أمْسَتْ هُمومِي تَنْشِطُ المنَاشِطَا *** الشَّام بِي طَوْراً وطَوْراً واسِطَا{[59208]}

ونشط الحبل أنشطه أنشوطة : عقدته ، وأنْشَطْتُه : مددته ، ونشط ك «أنشط » .

قال الأصمعي : بئرٌ أنشاط : أي : قريبةُ القعرِ ، يخرج الدَّلوُ منها بجذبةٍ واحدةٍ ، وبئر نشُوط ، قال : وهي التي لا تخرج الدلو منها حتى تنشط كثيراً .

فصل في المراد بالناشطات

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يعني الملائكة تنشط نفس المؤمن ، فتقبضها كما ينشط العقال من يد البعير إذا حلَّ عنه{[59209]} .

وقيل : يعني أنفس الكفار والمنافقين تنشط كما ينشط العقب الذي يعقب به السَّرج .

والنَّشْطُ : الجذبُ بسرعة .

ومنه الأُنشوطةُ : عقدة يسهل انحلالُها إذا جذبتْ مثل عقدة التكّة .

قال الليث : أنشطه بأنشوطة وأنشوطتين أي : أوثقته ، وأنشطت العقال ، أي : مددت أنشوطته فانحلّت .

ويقال : نشط بمعنى أنشط ، لغتان بمعنى .

وعن ابن عباس أيضاً : أن الناشطات الملائكة ، لنشاطها تذهب وتجيء بأمر ربها حيثما كان{[59210]} .

وقال مجاهدٌ : هو الموت ينشط نفس الإنسان{[59211]} .

وقال السدي : هي النفوس حين تَنْشَطُ من القدَميْنِ{[59212]} .

وقال قتادةُ ، والحسنُ والأخفشُ : هي النجوم تنشط من أفقٍ إلى أفقٍ{[59213]} ، أي : تذهب .

قال الجوهريُّ : يعني النجوم تنشطُ من بُرجٍ إلى برجٍ ، كالثَّور الناشط من بلدٍ إلى بلدٍ .

وقيل : «النازعات » للكافرين : و«النَّاشطاتِ » للمؤمنين ، فالملائكةُ يجْذِبُونَ أرواح المؤمنين برفقٍ .

والنَّزْعُ : جذبٌ بشدَّةٍ .

وقيل : هما جميعاً للكفَّار ، والاثنان بعدهما للمؤمنين .


[59208]:ينظر اللسان (نشط)، والقرطبي 19/125، والبحر 8/409، والدر المصون 6/470، وروح المعاني 30/6.
[59209]:ينظر: تفسير القرطبي (19/125).
[59210]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/422).
[59211]:ينظر تفسير القرطبي (19/125).
[59212]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/125).
[59213]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/422)، عن قتادة وينظر تفسير البغوي (4/442)، والمصدر السابق.