معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

قوله تعالى : { ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً } ، قال عكرمة عن ابن عباس : يعني شهيداً ، أن فيها عبيداً ، وقيل : دافعاً ومجيراً . فإن قيل : فأي فائدة في تكرار قوله تعالى : { ولله ما في السموات وما في الأرض } قيل : لكل واحد منهما وجه . أما الأول فمعناه : لله ما في السموات وما في الأرض ، وهو يوصيكم بالتقوى فاقبلوا وصيته . وأما الثاني فيقول : فإن لله ما في السموات وما في الأرض وكان الله غنياً ، أي : هو الغني ، وله الملك ، فاطلبوا منه ما تطلبون . وأما الثالث فيقول : { ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً } أي : له الملك ، فاتخذوه وكيلاً ، ولا تتوكلوا على غيره .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

ثم أكد - سبحانه - هيمنته على هذا الكون وملكيته له فقال : { وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وكفى بالله وَكِيلاً } .

أى : ولله - تعالى - وحده ما فى السماوات وما فى الأرض ملكا وتصرفا وإيجادا وإعداما . وإحياء وإماتة . وكفى بالله - تعالى - وكيلا فى تدبير أمرو خلقه ، وحفظه لمصالحهم .

والوكيل هو القيم والكفيل بالأمر الذى يوكل إليه .

وقد ذكر - سبحانه - فى هاتين الآيتين ملكيته لما فى السماوات ومافى الأرض ثلاث مرات ، تأكيد العظم سلطانه وقدرته وسعة غناه ورحمته ، حتى ترسخ فى نفوس الناس تقواه وخشيته .

قال القرطبى : فإن قال قائل : ما فائدة هذا التكرار ؟ فعنه جوابان :

أحدهما : أنه كرر تأكيدا ليتنبه العباد وينظروا ما فى ملكوته وأنه غنى عن العالمين .

الجواب الثانى : أنه كرر لفوائد : فأخبر فى الأول أن الله - تعالى - يغنى كلا من سعته لأن له ما فى السماوات وما فى الأرض فلا تنفد خزائنه . ثم قال : أوصيناكم وأهل الكتاب بالتقوى وإن تكفروا فإن غنى عنكم لأن له ما فى السماوات والأرض . ثم أعلم فى الثالث بحفظ خلقه وتدبيره إياهم بقوله { وكفى بالله وَكِيلاً } ، لأن له ما فى السماوات وما فى الأرض . . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

{ ولله ما في السماوات وما في الأرض } ذكره ثالثا للدلالة على كونه غنيا حميدا ، فإن جميع المخلوقات تدل بحاجتها على غناه وبما أفاض عليها من الوجود وأنواع الخصائص والكمالات على كونه حميدا . { وكفى بالله وكيلا } راجع إلى قوله { يغن الله كلا من سعته } ، فإنه توكل بكفايتهما وما بينهما تقرير لذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

أمّا جملة { ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفَى بالله وكيلاً } فهي عطف على جملة { ولقد وصيّنا } ، أتى بها تميهداً لقوله : { إن يشأ يذهبكم } فهي مراد بها معناها الكنائي الذي هو التمكّن من التصرّف بالإيجاد والإعدام ، ولذلك لا يحسن الوقف على قوله : { وكيلاً } . فقد تكرّرت جملة { ولله ما في السماوات وما في الأرض } هنا ثلاث مرّات متتاليات متّحدة لفظاً ومعنى أصلياً ، ومختلفة الأغراض الكنائية المقصودة منها ، وسبقتها جملة نظيرتهنّ : وهي ما تقدّم من قوله : { ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكلّ شيء محيطاً } [ النساء : 126 ] . فحصل تكرارها أربع مرات في كلام متناسق . فأمّا الأولى السابقة فهي واقعة موقع التعليل لجملة { إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 116 ] ، ولقوله : { ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً } [ النساء : 116 ] ، والتذييلِ لهما ، والاحتراس لجملة { واتّخذ الله إبراهيم خليلاً } [ النساء : 125 ] ، كما ذكرناه آنفاً . وأما الثانية التي بعدها فواقعة موقع التعليل لجملة { يغني الله كلاَّ من سعته } . وأما الثالثة التي تليها فهي علّة للجواب المحذوف ، وهو جواب قوله : { وإن تكفروا } ؛ فالتقدير : وإن تكفروا فإنّ الله غنيّ عن تقواكم وإيمانكم فإنّ له ما في السماوات وما في الأرض وكان ولا يزال غنيّاً حميداً . وأمّا الرابعة التي تليها فعاطفة على مقدّر معطوف على جواب الشرط تقديره : وإن تكفروا بالله وبرسوله فإنّ الله وكيل عليكم ووكيل عن رسوله وكفى بالله وكيلاً .