الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

قوله : ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ) الآية [ 131-132 ] .

كرر تعالى ذكره ، ذكر كون ما في السموات وما في الأرض أنه له ، في ثلاثة مواضع متوالية ، وفي كل آية معنى من أجله وقع التكرير :

1- أما الأول فإن الله جل ذكره نبه الخلق على ملكه بعقب قوله ( وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً ) ، فأخبر أن من سعته أن له ما في السموات والأرض ، وفي هذا تقوية لقول أبي عمرو أن الواسع الغني ، ثم رجع تعالى بعد إعلامه إيمانا ، وتنبيهه على( {[13757]} ) ملكه إلى إعلامه إيانا أنه قد وصى من كان قبلنا بتقواه كما وصانا بالتقوى في الأزواج وغيرها ، والذين من قبلنا من أهل الكتاب وصاهم بذلك في التوراة والإنجيل ، وصانا نحن في القرآن بالتقوى أيضاً ، فقال : ( أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) .

2- ثم قال : ( وَإِنْ تَكْفُرُوا ) كما كفر أهل الكتاب ( فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ [ وَمَا فِي الاَرْضِ ] )( {[13758]} ) إنه لا يضره كفرهم إذ له كل شيء ، كما لم يضره ما فعل أهل الكتاب في مخالفتهم أمره ، ( وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً ) أي غني عن خلقه ، فأخبرنا في هذه بغناه( {[13759]} ) عنا ، وحاجتنا إليه( {[13760]} ) .

3- [ ثم ]( {[13761]} ) أعلمنا في الآية الثالثة بحفظه لنا ، وعلمه( {[13762]} ) بنا فقال ( وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) أي كفى به حفيظاً .

فهذا فائدة التكرير أنه تعالى نبهنا على ملكه ، وسعته بعد قوله ( وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً ) . فأعلمنا أنه من سعة ملكه أن له ما في السموات وما في الأرض .

وأعلمنا في الثانية بحاجتنا إليه ، وغناه عنا .

وفي الثالثة أعلمنا بحفظه لنا وعلمه بتدبيرنا .

وتقدم قوله : ( غَنِيّاً حَمِيداً ) على ( وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) لأنه خاطبهم أولاً فأخبرهم أنه لا يحتاج إليهم ، إن كفروا ، وأنهم مضطرون إليه ، إذ له ما في السموات وما في الأرض .


[13757]:- (أ): إلى.
[13758]:- ساقط من (ج).
[13759]:- (أ): بفنانه.
[13760]:- (د): وحاجتنا إليه ثم غنيا أي غنى.
[13761]:- ساقط من (د).
[13762]:- (أ): وإعلامه.