روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

وقوله سبحانه : { وَللَّهِ مَا فِى السماوات وَمَا فِي الارض } يحتمل أن يكون كلاماً مبتدأ مسوقاً للمخاطبين توطئة لما بعده من الشرطية أي له سبحانه ما فيهما من الخلائق خلقاً وملكاً يتصرف في ذلك كيفما يشاء إيجاداً وإعداماً وإحياءاً وإماتة ، ويحتمل أن يكون كالتكميل للتذييل ببيان الدليل فإن جميع المخلوقات تدل لحاجتها وفقرها الذاتي على غناه وبما أفاض سبحانه عليها من الوجود والخصائص والكمالات على كونه حميداً { وكفى بالله وَكِيلاً } تذييل لما قبله ، والوكيل هو القيم والكفيل بالأمر الذي يوكل إليه ، وهذا على الإطلاق هو الله تعالى ، وفي «النهاية » يقال : «وكَّل فلان فلاناً إذا استكفاه أمره ثقة ( بكفايته ) أو عجزاً عن القيام بأمر نفسه ، والوكيل في أسماء الله تعالى هو القيم ( الكفيل ) بأرزاق العباد ، وحقيقته أنه يستقل ( بالأمر ) الموكول إليه » ، ولا يخفى أن الاقتصار على الأرزاق قصور فعمم ، وتوكل على الله تعالى ، وادعى البيضاوي بيض الله تعالى غرة أحواله أن هذه الجملة راجعة إلى قوله سبحانه : { يُغْنِ الله كُلاًّ مّن سَعَتِهِ } [ النساء : 130 ] فإنه إذا توكلت وفوضت فهو الغني لأن من توكل على الله عز وجل كفاه ، ولما كان ما بينهما تقريراً له لم يعد فاصلاً ، ولا يخفى أن على بعده لا حاجة إليه .