معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

{ فإذا هم بالساهرة } يعني : وجه الأرض ، أي صاروا على وجه الأرض بعدما كانوا في جوفها . والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض : ساهرة . قال بعض أهل اللغة : تراهم سموها ساهرة لأن فيه نوم الحيوان وسهرهم . قال سفيان : هي أرض الشام . وقال قتادة : هي جهنم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ . فَإِذَا هُم بالساهرة } .

والزجرة : المرة من الزجر ، وهو الصياح المصحوب بالغضب ، يقال : زجر فلا فلانا ، إذا أمره أو نهاه عن شئ بحدة وغضب .

والساهرة : الأرض المستوية الخالية من النبات .

والمراد بها هنا : الأرض التى يحشر الله - تعالى - فيها الخلائق .

قال القرطبى : قوله : { فَإِذَا هُم بالساهرة } أى : على وجه الأرض ، بعد أن كانوا فى بطنها . سميت بهذا الاسم ، لأن فيها نوم الحيوان وسهرهم ، والعرب تسمى الفلاة ووجه الأرض ساهرة ، بمعنى ذات سهر ، لأنه يسهر فيها خوفا منها ، فوصفها بصفة ما فيها . .

والفاء فى قوله : { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ . . . } للتفريع على قولهم السابق ، وضمير " هى " يعود إلى الحاة والقصة التى أنكروها ، وهى قيام الساعة .

أى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - على سبيل التوبيخ والتقريع : ليس الأمر كما زعمتم من أنه لا بثع ولا جزاء . . بل الحق أن ذلك لآت لا ريب فيه ، وأن عودتكم إلى الحياة مرة أخرى لا تقتضى من خالقكم سوى صيحة واحدة يصيحها ملك من ملائكته بكم ، فإذا أنتم قيام من قبوركم ، ومجتمعون فى المكان الذى يحدده الله - تعالى - لاجتماعكم ولحسابكم وجزائكم .

وعبر - سبحانه - عن اجتماعهم بأرض المحشر بإذا الفجائية فقال : { فَإِذَا هُم بالساهرة } للإيذان بأن اجتماعهم هذا سيكون فى نهاية السرعة والخفة ، وأنه سيتحقق فى أعقاب الزجرة بدون أقل تأخير .

ووصف - سبحانه - الزجرة بأنها واحدة ، لتأكيد ما فى صيغة المرة من معنى الوحدة ، أى : أن الأمر لا يقتضى سوى الإِذن منا بصيحة واحدة لا أكثر ، تنهضون بعدها من قبوركم للحساب والجزاء ، نهوضا لا تملكون معه التأخر أو التردد . . والمراد بها : النفخة الثانية .

وقال - سبحانه - { فَإِذَا هُم } بضمير الغيبة ، إهمالا لشأنهم ، وتحقيرا لهم عن استحقاق الخطاب .

وشبيه بهاتين الآيتين قوله - تعالى - : { وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } وإلى هنا نجد السورة الكريمة قد حثتنا حديثا بليغا مؤثرا عن أهوال يوم القيامة ، وعن أحوال المجرمين فى هذا اليوم العسير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

وقوله : { فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } قال ابن عباس : { بِالسَّاهِرَة } الأرض كلها . وكذا قال سعيد بن جُبَير ، وقتادة ، وأبو صالح .

وقال عكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد : { بِالسَّاهِرَة } وجه الأرض .

وقال مجاهد : كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها . قال : و { بِالسَّاهِرَة } المكان المستوي .

وقال الثوري : { بِالسَّاهِرَة } أرض الشام ، وقال عثمان بن أبي العاتكة : { بِالسَّاهِرَة } أرض بيت المقدس . وقال وهب بن مُنَبه : { الساهرة } جبل إلى جانب بيت المقدس . وقال قتادة أيضا : { بِالسَّاهِرَة } جهنم .

وهذه أقوال كلها غريبة ، والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا خَزَر بن المبارك الشيخ الصالح ، حدثنا بشر بن السري ، حدثنا مصعب بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي : { فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } قال : أرض بيضاء عفراء خالية كالخُبزَة النَّقِيّ .

وقال الربيع بن أنس : { فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } ويقول الله عز وجل : { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [ إبراهيم : 48 ] ، ويقول : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا } [ طه : 105 ، 106 ] . وقال : { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً } [ الكهف : 47 ] : وبرزت الأرض التي عليها الجبال ، وهي لا تعد من هذه الأرض ، وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ، ولم يَهرَاق عليها دم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

فإذا هم بالساهرة فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا في بطنها والساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لأن السراب يجري فيها من قولهم عين ساهرة للتي يجري ماؤها وفي ضدها نائمة أو لأن سالكها يسهر خوفا وقيل اسم لجهنم .