النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ} (14)

{ فَإذَا هم بالسّاهرةِ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : وجه الأرض ، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد ، والعرب تسمي وجه الأرض ساهرة لأن فيها نوم الحيوان وسهره ، قال أمية بن أبي الصلت :

وفيها لحْمُ ساهرةٍ وبَحرٌ *** وما فاهوا به لهمُ مُقيم

وقال آخر يوم ذي قار لفرسه :

أَقْدِمْ مَحاجِ إنها الأساوِره *** ولا يهولنّك رِجْلٌ بادِرهْ

فإنما قَصْرُكَ تُرْبُ السّاهرهْ *** ثم تعودُ ، بَعْدها في الحافرهْ

من بَعْد ما صِرْتَ عظاماً ناخِرهْ{[3193]} ***

الثاني : أنه اسم مكان من الأرض بعينه بالشام ، وهو الصقع الذي بين جبل أريحا وجبل حسّان ، يمده الله تعالى كيف يشاء ، قاله عثمان بن أبي العاتكة{[3194]} .

الثالث : أنها جبل بيت المقدس ، قاله وهب بن منبه .

الرابع : أنه جهنم ، قاله قتادة .

ويحتمل خامساً : أنها عرضة القيامة{[3195]} لأنها أول مواقف الجزاء ، وهم في سهر لا نوم فيه .


[3193]:هذه الأبيات للهمداني يوم القادسية. ومحاج: اسم فرس الشاعر.
[3194]:وذكره الطبري أيضا.
[3195]:عرصة الدار ساحتها ومنه قول امرئ القيس. ترى بعر الآرام في عرصاتها وقيعانها كأنه حب فلفل